هل تأثير العقاب على الأطفال سلبياً أم إيجابياً؟ وما هي بدائله؟
8 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
يتصرف الأطفال بطريقة خاطئة أحيانًا اتباعًا لأهوائهم ورغباتهم الشخصية، أو ببساطة نتيجةً لجهلهم وقلة خبرتهم بعواقب أفعالهم، الأمر الذي يستوجب تصرّفًا حكيمًا من الأهل يضمن تعلّم الطفل من أخطائه من غير إهانة أو إيذاء، وذلك لأنّ تأثير العقاب على الطفل يكون سلبيًا دائماً، وقد يضرّ نفسيته أو أداءه الدراسي أو شخصيته على المدى البعيد.
تأثير العقاب على الأطفال
يشبّه البعض الطفل بالمغناطيس، لأنّه يجذب سلوكيات الأهل ويتبناها في حياته الشخصية، فإن قمت بمواجهة سلوكيات طفلك السلبية بالعنف ستراه يقلّدك تمامًا، ويتصرّف بأسلوب عدواني مع إخوته وزملائه في المدرسة، في حين أنّك لو تعاملت معه بشكل سلس وحكيم ستجعل منه شخصًا خلوقًا ومهذبًا، يدير مشكلاته بحكمة، ويتصرّف بذات الطريقة التي رآك تتصرف بها معه، أيّ أنّ كيفية تأثير العقاب على الطفل تعتمد على الأسلوب والطريقة.
كما أنّك لو عمدت إلى معاقبة طفلك بأسلوب عنيف، ستتولد لديه هواجس ومخاوف قد تعيق تقدّمة الدراسي أو تؤثر على صحته النفسية وحالته الاجتماعية وقدرته على التواصل مع الآخرين، فيصبح دائم القلق والخوف من العقاب. بالإضافة إلى أنّ الطفل المعنّف سيلجأ في كثير من الأحيان إلى الكذب والغش ليبعد نفسه عن العقاب، وسيصبح ضعيف الشخصية بشكل مهين، لأنّه قد اعتاد على الضرب والإهانة والتعنيف من أهله الذين يُفترض أن يكونوا مصدر قوته لا مصدر ضعفه.
آثار العقاب البدني على الأطفال
إليك أهم الآثار الناجمة عن ضرب الأطفال وإيذائهم بدنيًا على سبيل المعاقبة:
- أضرار جسدية مباشرة: يؤدي الضرب أحيانًا إلى حدوث أضرار جسدية أو عقلية للطفل.
- أضرار جسدية غير مباشرة: قد يصاب الطفل بفرط السمنة أو الصداع النصفي أو السرطان بسبب حالته النفسية السيئة.
- أضرار نفسية: يصاب الطفل المعنّف جسديًا بالقلق والخوف والتوتر، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية وضعف احترام الذات، الأمر الذي قد يؤدي إلى لجوئه للانتحار لاحقاً أو المخدرات كوسيلة للهرب من المعاناة النفسية.
- تراجع الأداء الدراسي: قد يُهمل الطفل دروسه ويهرب من مدرسته نتيجةً لاضطراباته النفسية.
- السلوك العدواني: سيواجه الطفل المجتمع بشكل عدواني وعنيف.
- ضعف التواصل: لن يستطيع الطفل التواصل مع المجتمع بشكل إيجابي وبناء علاقات صحية، لأنّه سيصبح ضعيف الثقة بنفسه.
- علاقات أسرية ضعيفة: لن يتمكّن الطفل المعنّف من بناء أسرة ناجحة مستقبلًا لأنّه لم يتلقَ مشاعر المودة والحنان من أهله، وبالتالي فلن يستطيع تقديمها لأطفاله وأفراد أسرته.
التربية السليمة تتطلب صبرًا ومجهودًا قويًا من الأهل، وذلك في سبيل إنشاء جيل واعٍ قادر على بناء شخصيته وتطوير مستقبله. وإليك مجموعة من الطرق لضبط سلوك الطفل السيء التي يمكنك اتباعها:
- كن استباقياً: امدح سلوك الطفل الإيجابي وخصص له المكافآت المعنوية وبشكل أقل المادية، فهذه المبادرات تجعلك سابقاً الطفل بالخطوة، وتجعله أكثر رغبة في تجنب السلوك السلبي وتبني السلوك الإيجابي.
- النظام المستمر والمنضبط: يجب وضع نظام صارم للطفل في كل شيء في حياته اليومية والالتزام به بشكل منهجي ودائم، من وقت الطعام إلى وقت النوم والدراسة، والقوانين داخل المنزل. هذا النظام سيجعل ضبط سلوكه السيء أسهل.
- ضع حدوداً وعواقب: اتفق مع الطفل على حدود وقوانين يجب عليه اتباعها، واتفق معه على عواقب خرق هذه الحدود. هذه الخطوة ستجعل أكثر احتراماً للحدود وأكثر تقبلاً للعواقب إذا خرقها.
- الاستمرارية: قليل دائم خير من كثير منقطع؛ هذا المثل ينطبق بشكل مثالي على التربية، لأن الاستمرارية في ضبط وتوجيه سلوك الطفل بشكل يومي ومنتظم، أفضل من ردود الفعل والإجراءات الكبيرة التي تكون لحظية وانفعالية.
- الفعل الإيجابي: : تحدث مع الطفل بصرامة لكن بإيجابية من خلال التركيز على ما تريد أن يفعله الطفل، وليس على ما لا تريده أن يفعله، فمثلاً قل له: يجب أن تكون صادقاً، ولا تقل له: يجب أن تتوقف عن الكذب، فاللغة وأسلوب الكلام يؤثران كثيراً في الطفل.
- شرح العواقب: في حال ارتكب الطفل خطأ ما، يجب أن تبدأ بشرح العواقب الإيجابية للسلوك الإيجابي المناقض لما فعله الطفل، أي إذا كذب فابدأ بشرح العواقب الإيجابية للصدق، ثم اشرح له العواقب السلبية للسلوك السلبي الذي قام به.
- احرمه من الميّزات: عندما تتفق مع طفلك على الحدود والعواقب، اجعل أساس العواقب حرمانه من ميزات يحصل عليها، فمثلاً لا تخرج معه في نزهة أو لا تحضر له الألعاب التي طلبها حتى يحسّن من سلوكياته. وعندما تحرمه من هذه الميزات، احرص على أن تشرح له أنك تفعل ذلك لمصلحته ولأنك تحبه وتريده أن يكون إنساناً منضبطا ومسؤولاً وبالتالي ناجحاً في حياته، واحرص على إظهار الحب والحنان له حتى في ظل حرمانه من الميزات، إذ يجب أن يعرف الطفل أن حبك له غير مشروط بسلوكه أو بأي شيء آخر.
- امدح الطفل الذي يتصرف بطريقة صحيحة أمامه: ويشترط في هذه الطريقة أن تكون بهدف العقاب فقط، فلا تتبعها في كلّ الأحوال.
لا شكّ في أنّ تربية الأطفال عملية صعبة للغاية لكنّ ثمارها حلوة المذاق، فإن اتبعت الأساليب الصحيحة في تربية طفلك، ستراه يكبر أمامك ويكوّن شخصيته المستقلة ويبني مستقبله المشرق، لهذا قبل أن تفكّر في معاقبة الطفل تأمل في تأثير العقاب على الأطفال في المنظورين القريب والبعيد، واختر أفضل السبل وأكثرها نجاحًا.