لماذا يكذب الأطفال؟ وكيف تعالج مشكلة الكذب لديهم؟

8 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق

هل يساورك الشكّ أحيانًا في روايات طفلك حول الأحداث التي يحكيها، والقصص التي يرويها؟ وهل لاحظت أنّه يلجأ إلى الكذب غالبًا ليبرر أخطاءه أو ليحقق مكاسب؟ من الطبيعي أن تجيب بنعم، لأنّ عادة الكذب عند الأطفال من المشكلات الشائعة، لكن قبل أن تبحث لها عن حلول عليك أن تعرف لماذا يكذب الاطفال عادةً.

لماذا يكذب الأطفال؟

على الرغم من أنّ الكذب يعدّ أحد السلوكيات الشائعة عند الأطفال، إلا أنّ أسبابه تختلف من عمر لآخر، ومن طفل لآخر، ومن موقف لآخر، ووفقًا لعلماء النفس تتركّز أسباب الكذب عند الأطفال بما يأتي:
  • الخيال الخصب: أهم أسباب الكذب في المراحل العمرية المبكرة للطفل أنه قد يخلط بين خياله وما يشاهده على التلفاز وبين ما يحدث معه في الواقع، فينسج في مخيلته قصصًا غير حقيقية، لأن الأطفال حتى سن الرابعة لا يطورون القدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال.
  • الخوف من العقاب: بعد عمر الرابعة تصبح لدى الطفل دوافع أخرى للكذب، فالطفل ذكي بطبيعته، لهذا عندما يتوقّع أنك ستوبخه نتيجة لاقترافه ذنب معين، فإنّه سيلجأ إلى الوسيلة الأسهل للهروب من العقاب، وهي الكذب.
  • الرغبة في شدّ الانتباه: عندما يشعر الطفل بشيء من الإهمال يلجأ إلى الكذب ليلفت النظر إليه.
  • الحصول على ما يريد: قد يكذب الطفل ويخبرك أنّه أنهى واجباته، أو فعل شيئًا جيدًا للحصول على مكافأة، مثل لعبة يحبّها أو الخروج في نزهة.
  • الغيرة: عادةً ما تحدث الغيرة بين الإخوة بسبب شعورهم بالتفريق في المعاملة، فيتهمون بعضهم كذبًا بغية الانتقام.
  • إخفاء مشاعر معيّنة: قد يرغب الطفل بكبت مشاعر الحزن أو الخوف أو القلق، فيلجأ للكذب.
  • الاضطرابات النفسية: تكون عادة الكذب عند الطفل أحيانًا مرتبطة باضطراب نفسي يعاني منه.
  • التقليد: يقلّد الطفل سلوكيات الأهل في كل شيء، فقد يكذب فقط لأنّه رأى أن أحدًا من أهله فعل ذلك.

أهمية تعديل سلوك الطفل الكذاب

يكوّن الطفل شخصيته في المراحل الأولى من عمره، وهذا يعني أنّ السلوكيات التي يتعلّمها الطفل ستكون اللبنة الأساسية في بناء شخصيته المستقبلية، لهذا ينبغي على الوالدين التركيز على أهمية تقويم سلوك الأبناء من عمر صغير.  
وممّا يجدر ذكره أنّ الطفل يطوّر السلوكيات التي يتعلّمها خلال مراحل نموه سواء كانت سلبية أم إيجابية، فقد تبدأ عادة الكذب عند الطفل بسيطة، يسميها البعض بـ “الكذبة البيضاء” أو “كذبة صغيرة” قد تظن أنها لا تستحق الكثير من الاهتمام، لكنّها ستتطور إن لم يتعلّم مدى خطورتها حتى تصبح عادة سيّئة تؤثر عليه في المستقبل، فلا ينبغي التسليم لهذا التبرير.  
لكن من جهة أخرى، عليك أن تفرّق بين الطفل الكاذب والطفل ذي الخيال الخصب، فقد يروي طفلك قصصًا لا يعي هو نفسه أنّها لم تحدث فعلًا، وتكون غالبًا نتيجة ما يشاهده على التلفاز من مسلسلات كرتونية خيالية تدعم مخيّلته بأفكار جديدة، كما قد يكذب الطفل بهدف اللعب مع الأهل، وفي كلتا الحالتين عليك أن توجّه طفلك إلى الطريق الصحيح حتى لا يتخّذ من الكذب عادة وهو لا يدرك خطورة الأمر، والضرر الناجم عنه.    
وفي العموم، عليك أن تتبع الأساليب المنهجية الصحيحة في التعامل مع أبنائك، وأن تفتح مجالًا للحوار والمناقشة، وأن تقوّي علاقتك بأطفالك ليشعروا أنّهم أصدقاؤك، وأنّهم غير مضطرين للكذب خوفًا من العقاب أو طمعًا بالمودة والاهتمام.    

نصائح للأهل للتعامل مع كذب الأطفال

لا يعدّ الكذب عند الأطفال الصغار أمرًا مُقلقًا بالضرورة، خاصة إن كانوا في سن (3-4) سنوات، فغالبًا ما تكون مثل هذه السلوكيات طبيعيّة يمكن تقويمها باتباع أساليب التربية السليمة مثل:
 
    • تحدّث مع طفلك وناقشه، وأخبره عن الأضرار التي قد تنجم عن الكذب.
    • طور مهارات التواصل الفعّال عند الطفل، وكن دائم الاستماع إليه.
    • أخبره أنّ بإمكانه أن يخبرك عن المشكلات التي يتعرّض لها دون أن يلقى العقوبة، وأنّكما ستجدان حلًا مناسبًا لها معًا.
    • اشرح له أن عواقب الكذب أسوأ بكثير من عواقب الأفعال الخاطئة.
    • اشرح له أن الكذب لن يلغي العواقب الناجمة عن الأفعال الخاطئة.
    • تجنّب أسلوب العقاب وابتعد عن الصراخ والتوبيخ.
    • كن صبورًا مع طفلك، لأنّ طفلك لن يستجيب للتنبيه من أول مرة بل قد يعيد الأمر مرارًا وتكرارًا، فاترك له المساحة الكافية ليخطئ ويتعلّم من أخطائه.
    • أشعر طفلك بالاهتمام، وأحطه بالرعاية اللازمة.
  • كن قدوة جيدة لطفلك، فإن أظهرت لطفلك الصدق والأمانة في تعاملاتك معه خصوصا ومع الناس عموما سيقلّد ما تفعله تمامًا.
  • أخبر طفلك أن بإمكانه تفريغ خيالاته عن طريق كتابة القصص.
  • امدح طفلك عندما يعترف بالحقيقة، وكافئه بعدم معاقبته على ما فعل.
بعد أن عرفت لماذا يكذب الاطفال ويروون قصصًا لم تحدث في الواقع، أظنّك قد أدركت أنّ الطفل لا يحتاج إلى دافع قوي للكذب، فقد تبدأ عادة الكذب لديه للفت الانتباه، أو بهدف اللعب والمرح، لكنّ الأمر سيتطوّر تدريجيًا إن لم تقم بمعالجته بالطريقة الصحيحة بشكل فوري وحاسم.