كيف تعرف أنك جاهز لتربية طفل؟ دليل شامل للأزواج
29 ديسمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
“هل أنا جاهز لتربية طفل؟” سؤال يطرحه الكثيرون قبل أن يتخذوا خطوة الإنجاب، فهذا التخوف شائع، وهو يأتي نتيجة مسؤوليات ضخمة وتحديات لا حصر لها تكون بانتظارهم بمجرّد اتخاذهم لهذا القرار. فهل تكون اللحظة المثلى للبدء في تربية طفل هي عندما نشعر بالثقة التامة بقدرتنا؟ في هذا المقال، سنتناول كيف للأزواج التغلب على انعدام الثقة بقدرتهم على تربية الأطفال، وكيف يمكنهم بناء أساس قوي لهذه المهمة الرائعة.
الاستعداد النفسي والعاطفي لتربية طفل
الاستعداد لتربية طفل لا يرتبط فقط بالعمر أو الظروف المادية، بل إنّه يبدأ من دواخلنا، فالإنسان بطبيعته تنشأ لديه شعور ورغبة طبيعية بالوالدية، لكن هذا الشعور لا يكفي ليكونوا قادرين على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل سليم، حيث ينبغي للأهل أن يكونوا مستعدين نفسيًا وعاطفيًا لتحمل المسؤولية، وهذا يعني أنّ يكونوا قادرين على التعامل مع المشاعر المتقلبة التي تأتي مع تجربة الأبوة والأمومة، وعلى تلبية احتياجات الطفل العاطفية.
ومن المؤكد أننا لا نقصد بذلك أن يكون لديك الجاهزية الكاملة للوالدية، فكثير من الخبرات يكتسبها الأب والأم من التجارب التي يمرون بها مع أطفالهم، لهذا قد تجد شخصًا يُخبرك أن طفله قام بتربيته، وهذا حقيقي وفعلي، لأنّ أطفالنا يكون لهم يد في مُساعدتنا على التعرف إلى أنفسنا، لكن في الوقت نفسه يجب أن تمتلك القاعدة الأساسية من الأمان الداخلي لخوض التجربة، ويكون ذلك من خلال التواصل الداخلي بهدف بناء السلام النفسي، حيث يتوجّب عليك أنة تقضي بعض الوقت لتتعرّف على مشاعرك وتتعافى من الجروح التي كُنت قد تعرّضت لها في الماضي.
ما هو السن المناسب لتربية الأطفال؟
يختلف السن المثالي للإنجاب من شخص لآخر، ويعتمد ذلك على عوامل شخصية واجتماعية ومادية، لكن الأهم هو الاستعداد النفسي والعاطفي، حيث تُشير العديد من الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يشعرون بالراحة والاستقرار في حياتهم الشخصية والعاطفية يكونون أكثر قدرة على مواجهة تحديات التربية، كما يُمكن للأشخاص المُحاطين بالأهل والأصدقاء الذين مروا بتجارب مشابهة ويُمكنهم المُساعدة أن يكونوا أكثر قدرة على تربية الأطفال، لا سيّما في المراحل الأولى.
لنَقُل أنّ هناك قاعدة عليك أن توفّرها قبل اتخاذ قرار الإنجاب، وهذه القاعدة تتضمن الأساسيات الآتية:
- القدرة على تحمّل المسؤولية.
- الاستعداد لتقديم الرعاية الكاملة للطفل حديث الولادة.
- المرونة للتكيّف مع التغيرات الجديدة.
- الاستعداد النفسي لاكتشاف خبايا شخصيتك التي قد تظهر خلال تعاملك مع طفلك.
- الاستقرار العاطفي والتفاهم مع الزوج.
كيف يتغلب الأهل على انعدام الثقة بقدرتهم على تربية الأطفال؟
انعدام الثقة في القدرة على تربية الأطفال هو شعور طبيعي لدى الكثير من الأهل، لكنه لا يعني أنهم غير قادرين على التربية، لكن قد تكون المسؤوليات الكبيرة المُلقاة على عاتق الأهل، خاصةً في المرحلة الأولى، هي السبب الأساسي، ولتتغلّب على هذا الشعور إليك بعض الخطوات العملية:
- اجلس مع نفسك وحاول أن تترجم مشاعرك وتتفهمها وتتعامل معها.
- اعترف بالمشاعر السلبية وحاول أن تتغلب عليها بممارسة تمرينات الاسترخاء والتنفس العميق.
- حاول أن تتغلب على الهواجس القديمة المتعلّقة في تربيتك بطريقة إيجابية.
- استشر أصدقاء أو أفراد عائلة مروا بتجربة تربية الأطفال.
- تحدث مع شريكك حول مشاعرك ومخاوفك.
- ابحث عن الكتب والمقالات التي تتحدث عن التربية وأساليب التعامل مع الأطفال.
- اكتساب مهارات جديدة من خلال الالتحاق بدورات تعليمية حول التربية.
- كُن مستعدًا لقبول التحديات، واعلم أنك لا تحتاج لأن تكون شخصًا مثاليًا لتبدأ رحلة التربية.
- كُن مستعدًا للتعلم والنموّ من تجاربك الشخصية.
- درّب نفسك على الصبر والمرونة في مواجهة التحديات.
كيفية تربية الأطفال من البداية إلى النضج
تربية الأطفال تتطلب نهجًا طويل الأمد يتغير ويتطور مع نمو الطفل، وكل مرحلة عمرية تأتي بتحديات وفرص جديدة ينبغي للأهل استثمارها والتعلّم منها، وإليك هذه المراحل:
- مرحلة الحمل: في هذه المرحلة يبدأ الأهل بالاستعداد النفسي للمرحلة الجديدة، ويحاولون تكوين صورة عن النمط الجديد لحياتهم القادمة، وكيفية التعامل معها.
- مرحلة الطفولة المبكرة (0-2): تركز هذه المرحلة على بناء الأمان العاطفي والاستجابة لاحتياجات الطفل، كما أنّ كُل من الأب والأم في هذه المرحلة يبدؤون بالموازنة بين علاقتهما ببعضهما وعلاقتهما بأطفالهما، وبين الحياة الاجتماعية واحتياجات البيت والعمل.
- مرحلة الطفل المسيطر (2-5): في هذه المرحلة يسعى الطفل لأخذ زمام المبادرة في حياته، لهذا ينبغي للأهل البدء بوضع الحدود والقواعد التي تنظم حياته وعلاقته مع الآخرين وتبني شخصيته، مع مراعاة احتياجات الطفل العاطفية والنفسية.
- مرحلة الطفولة الوسطى (5-12): يكون التركيز هنا على تعزيز التعلم الاجتماعي والعاطفي، بحيث يحرص الأهل في هذه المرحلة على تعليم الأطفال كيف يتبنون وجهات نظر الآخرين ويتعاطفون معها ويكوّنون الصداقات، بالإضافة إلى التعامل مع المواقف التي قد يتعرضون لها؛ مثل الضغوطات والتنمر والمقارنات بين الأقران وغير ذلك.
- مرحلة المراهقة: تحتاج هذه المرحلة إلى توازن بين تقديم الدعم والحرية للطفل ليتمكن من تطوير هويته، ويكون التواصل المفتوح والفعال هو المفتاح الأساسي لتجاوز هذه المرحلة بشكل صحي.
أصعب مرحلة في تربية الأطفال
تختلف أصعب مرحلة في تربية الأطفال باختلاف طبيعة الأطفال والأهل أنفسهم، فالكثير من الأهل يجدون في بداية التربية تحديًا كبيرًا لأنّهم لا يكونون قد اعتادوا بعد على تحمل المسؤولية وتقديم الرعاية الكاملة لأطفالهم، وبالنسبة لآخريم يُمكن أن تكون مرحلة المراهقة هي أصعب المراحل التي يواجهونها، لأنّ احتياجات الطفل تتغيّر، كما أنّه يبدأ في السعي نحو الاستقلالية، مما قد يؤدي إلى صراعات وخلافات دائمة.
وقد تكون مرحلة الطفولة المتوسّطة من المراحل المربكة للأهل أيضًا، نظرًا للضغوطات الدراسية والاجتماعية والتربوية التي يتعرّض لها الأطفال، ففي هذه المرحلة تبدأ شخصية الطفل بالظهور. وعمومًا، يُمكنك التعلّب على أيّ مرحلة مما سبق عن طريق الصبر والمُثابرة، والحرص على القراءة والتعلّم، بالإضافة إلى المحاوفظة على التواصل الداخلي والاسترخاء وإعطاء فرصة لتهدئة النفس والوصول إلى السلام الداخلي، مع الحصول على الدعم من الأصدقاء أو العائلة أو الشريك كلّما تطلب الأمر.
دور الشريك في تربية الأطفال
إذا تحدّثنا عن الأسرة الصحية فإننا سنجد أن الاستعداد المتوازن بين كل من الزوجين هو دعامتها، حيث إنّ التعاون بين الزوجين يجعل التحديات أكثر سهولة ويوفر الدعم الصحي والمتبادل، وهذا لا يعني أن يتوافق الزوجين ويتساويا في الاستعداد للتربية، فقد تكون القدرات متفاوتة، سواء من ناحية النوع أو الكمية، فربما يكون أحد الزوجين أقوى في التربية العاطفية في حين أنّ الآخر أقوى في التربية الفكرية أو المالية، وهذا الأمر لا يدعو للاختلاف، بل على العكس يجلب التكامل بين الطرفين.
وبشكل عام، تعدُّ مشاركة كلا الزوجين في اتخاذ القرارات وتحديد الأدوار أمر مهم جدًا لضمان توازن صحي في العلاقة وتربية الطفل. كيف يمكن دعم الشريك؟
- تواصل مستمر: احرص على الحديث عن التحديات والنجاحات اليومية.
- تقاسم المسؤوليات: لا تتحمل مسؤولية التربية وحدك، بل اجعل شريكك شريكًا فعّالًا في جميع مراحل التربية.
- التشجيع والدعم: قد يشعر أحد الشريكين بالتعب أو الضغط، فكن داعمًا وقدم المساعدة.
تربية الأطفال ليست مهمة مثالية، أي أنّك لا تحتاج إلى أن تكون والدًا “كاملاً” لاتخاذ قرار التربية؛ المهم هو الاستعداد النفسي والعاطفي والسعي المستمر للتعلم والنمو مع طفلك، وإذا شعرت بعدم الثقة في قدرتك على تربية طفل تذكر أن كل خطوة تأخذها نحو التعلم والوعي هي خطوة نحو النجاح.