كيف تحول غيرة الأخ الأكبر من المولود الجديد إلى علاقة أخوية قوية
29 ديسمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
لا شكّ في أنّ ولادة طفل جديد تجلب الكثير من الفرح والسرور للعائلة، لكنها في الوقت نفسه تحمل في طياتها تحديات نفسية كبيرة للأخ الأكبر، حيث يشعر العديد من الأطفال بالغيرة من المولود بسبب تغير اهتمام الأهل وانشغالهم بالطفل الجديد، مما قد يؤثر على سلوك الطفل ونفسيته. في هذا المقال، سنتناول أسباب غيرة الأخ الأكبر من المولود الجديد، وكيف يمكن للأهل التعامل مع هذه الغيرة والتخفيف منها، مع الحرص على تعزيز العلاقة بين الإخوة.
كيف تتأثر نفسية الطفل بعد المولود الجديد
عند ولادة طفل جديد يمر الأخ الأكبر بتغيرات نفسية متعددة قد تؤثر على سلوكه وتفاعلاته مع أفراد العائلة، فقد أظهرت الدراسات العلمية التربوية التي أُجريت حول هذا الموضوع أن الشعور بالغيرة والتنافسية من أبرز التحديات التي يواجهها الطفل عند ولادة أخ جديد، حيث يبدأ في محاولة جذب انتباه والديه بأي طريقة لأنه يخشى من أن مكانته في الأسرة قد اهتزت.
ومن ناحية أخرى، يبدأ الطفل بالشعور بالتهميش بعد أن كان معتادًا على كونه محور الاهتمام في العائلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى انخفاض في تقدير الذات وزيادة في مستويات القلق والتوتر، وذلك نتيجة للتغيرات الكبيرة التي طرأت على الروتين الأسري. كما قد يُظهر الطفل سلوكيات طفولية، مثل التحدث كرضيع أو التبول الليلي، في محاولة منه لاستعادة الاهتمام الذي كان يتلقاه قبل وصول المولود الجديد.
وقد لا يقتصر الأمر عند هذا الحد، فبعض الأطفال تتأثر علاقاتهم بأقرانهم في بيئة المدرسة أو الأصدقاء، وقد يصبحون أكثر عدوانية أو انعزالًا. وبشكل عام، تشير الدراسات إلى أن الأطفال الأكبر سناً يكونون أكثر قدرة على التكيف مع الوضع الجديد بفضل نضجهم والدعم العاطفي المستمر من الوالدين، خاصة إذا تم إشراكهم في رعاية المولود الجديد وتخصيص وقت خاص لهم.
أسباب غيرة الأخ الأكبر
الأسباب التي تدفع الأطفال للشعور بالغيرة متنوعة وتعتمد على شخصية الطفل وتجربته مع المولود الجديد، لكن عادةً ما تدخل في إطار الأسباب الآتية:
- سلوك عدواني تجاه المولود الجديد.
- تجاهل المولود الجديد بصورة متعمدة.
- الانطواء أو الانعزالية.
- التصرف بطريقة طفولية.
- العودة إلى التبول الليلي.
- التحدث بلهجة طفولية لجذب الانتباه.
- الرغبة في استخدام أدوات الطفل الصغير.
- نوبات متكررة من الغضب والعناد.
- التذمر والبكاء المستمر.
- الإصرار على النوم مع الأهل أو في سرير الطفل.
- الغضب عندما يرى أي شخص يعتني بالمولود الجديد.
- الرغبة في الاعتناء بالمولود الجديد بشكل مبالغ فيه.
تعتمد مدة استمرار غيرة الأخ الأكبر من المولود الجديد على عدة عوامل مثل عمر الطفل وشخصيته ومستوى الاهتمام الذي يحصل عليه بعد ولادة أخيه، بالإضافة إلى مدى التغير بالبروتين اليومي الذي يواجهه، لكن غالبًا ما تبدأ الغيرة بالانحسار تدريجيًا مع مرور الوقت وتقديم الدعم المناسب.
كيف أخبر طفلي الأول عند قدوم مولود جديد؟
ينصح العديد من الخبراء بأن يتم إخبار الطفل بقدوم المولود الجديد بمجرد التأكد من الحمل خاصة إذا كان كبيرًا، وذلك لإعطائه الوقت الكافي للتكيف مع الفكرة، لكن يجب الحرص على اختيار وقت مناسب للتحدث مع الطفل، بحيث يكون هادئًا ومسترخيًا، مع استخدام كلمات بسيطة وواضحة تناسب عمره، والسماح له بالتعبير عن مشاعره، وإجابته عن كافة استفساراته المتعلقة بقدوم المولود الجديد بأسلوب مبسط.
كيف أهيئ طفلي لاستقبال مولود جديد؟
تهيئة الطفل للمولود الجديد تعد خطوة حاسمة للتخفيف من مشاعر الغيرة وتعزيز العلاقة بين الأشقاء. وإليك بعض النصائح:
- إشراك الطفل في التحضيرات: دع طفلك يشارك في تجهيز مستلزمات المولود الجديد من ملابس وأغطية وسرير وغير ذلك.
- التحدث مع الطفل عن دوره كأخ كبير: وضح له مدى أهمية دوره في العائلة وأنه سيصبح مساعدًا لأمه وأبيه في رعاية المولود.
- قراءة قصص عن الإخوة: استخدم الكتب والقصص لتعريف الطفل بتجربة قدوم مولود جديد وكيف يمكن أن تكون العلاقة إيجابية بين الأخوة.
- أخبره عن السلوكيات المتوقعة من المولود الجديد: أخبر طفلك أن المولود سيبكي كثيرًا، وسيحتاج إلى تنظيف وتغذية بشكل مستمر، كما أنه لا يمكنه اللعب مباشرة، وهكذا.
- أشركه في اتخاذ القرار: دع طفلك يخطط معك لفترة الإقامة في المستشفى، وفي أي وقت سيُسمح له برؤية الأم، ومتى يفضل أن يرى المولود في المستشفى أم في البيت.
- أخبر طفلك عن طفولته: شاهد مع طفلك صوره القديمة، وأخبره عن سلوكياته عندما كان طفلًا.
- عرفه على أخيه الجديد قبل الولادة: اقترح على طفلك أن يختار اسمًا لأخيه الجديد، وأن يغني له أغنية ويقرأ له قصة، كما يمكنك أن تدعه يشعر بحركته خلال فترة الحمل.
- قم بإجراء التغيرات الكبيرة قبل الولادة: إذا كنت تريد تدريب الطفل على النوم بمفرده، أو على الاستقلالية في استخدام المرحاض مثلا افعل ذلك قبل قدوم المولود الجديد.
كيفية إعداد الطفل للقاء الأول مع المولود الجديد
على الرغم من الوقت الذي قد تقضيه في إعداد طفلك لاستقبال المولود الجديد إلا أنه قد يفاجئك حقًا عند الاستقبال الحقيقي ويتصرف بطريقة لا تتوقعها، لهذا عليك أن تتهيأ لهذا الموقف، واعلم أنّ من غير الضروري المبالغة أو إجبار الطفل على التفاعل مع أخيه الصغير، فالأطفال يفقدون التركيز بسرعة وقد يرغبون باللعب بعد رؤية الطفل بفترة وجيزة فلا تجبره على البقاء.
فضلًا عن ذلك، عليك أن تُظهر الاهتمام بطفلك الأكبر تمامًا كما كُنت تفعل من قبل دون أن تشعره بأي تغيير، وحاول ألا يحصل اللقاء وأنت تحمل المولود، كما يمكنك أن تحضر له هدية مسبقة بمناسبة قدوم المولود الجديد، وتكون قد اخترت هدية يمكنه هو أن يهديها لأخيه الصغير واتفقت معه على ذلك.
كيف أتعامل مع طفلي بعد قدوم مولود جديد؟
بعد ولادة المولود الجديد، قد يشعر الطفل الأكبر بأن الأمور قد تغيرت بشكل جذري، وللتخفيف من هذا الشعور، يمكن اتباع الاستراتيجيات التالية:
- الحفاظ على الروتين الخاص بالطفل الأكبر.
- إفراد وقت خاص للطفل الأكبر.
- تشجيعه على المشاركة في رعاية المولود.
- الالتزام بالروتين السابق قدر الإمكان.
- مخاطبة الطفل الأصغر بنفس الأسلوب حتى لو كان لا يفهمك.
- حافظ قدر الإمكان على وجودك إلى جانب طفلك حتى خلال رعاية المولود الجديد.
- قم باستشارته في الأمور الخاصة بأخيه الأصغر.
- اسمح له بحمله أو ملاعبته برفق إذا كان كبيرًا، مع بقائك إلى جانبه خلال ذلك المراقبة.
ختامًا، ينبغي للأهل أن يتحلوا بالصبر ويتفهموا مشاعر الطفل الكبير ويساعدوه على التكيف مع التغيرات الكبيرة التي طرأت على حياته، علمًا أنّ بإمكانك أن تقلب الموازين لصالحك من خلال تهيئة الطفل للمولود الجديد قبل الولادة والتعامل الإيجابي معه بعد الولادة، وذلك لتعزيز علاقة صحية بين الأخوة ودعم النمو العاطفي لكل من الطفل الأكبر والمولود الجديد.