كيف تجعل طفلك يعتمد على نفسه؟ وكيف تغير شخصيته الاتكالية؟
8 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
ندرك أنّ طفلك لا يزال صغيرًا يحتاج إلى الرعاية، لكن لا تبالغ! فطفلك يحتاج أيضًا إلى تكوين شخصيته المستقلة والقيام بواجباته بنفسه. لا تستهِن بأهمية تعليم مهارات الاعتماد على النفس للأطفال من عمر صغير، ولا تملّ من ذلك، واعلم أنّ هذا الأمر يحتاج إلى سنوات من الصبر والتدريب الشاق، لكنّه تدريب مُثمر وأساسي جدا لطفلك.
لا تتسرّع في مساعدة طفلك على النهوض!
يمكننا تعريف الاعتماد على النفس عند الأطفال بأنّه قدرة الطفل على بذل مجهود لإنجاز عمل معيّن، ووفقًا لهذا المفهوم تُظهر الدراسات أنّ الطفل يولد ولديه غريزة الاعتماد على النفس بشكل فطري، كما أنّ سلوكياتك مع طفلك حديث الولادة تميل إلى تشجيعه على الاستقلالية في طبيعتها، وإن كنت لا تقصد ذلك فعلًا.
هل تذكر الأوقات التي ساعدت طفلك فيها على النوم على بطنه لتتقوى عضلاته ويصبح قادرًا على التقلّب والحركة؟ وهل تذكر عندما كنت تدع طفلك يتعثّر ليحاول النهوض بنفسه مرارًا ويتعلّم المشي؟ كلّ ذلك كان يُساعد طفلك على الاعتماد على نفسه. لكن في مرحلة ما بعد عام الطفل الأول غالبا ما يفقد معظم الأهالي هذه الممارسة، لكن الدراسات والخبراء ينصحون بالاستمرار بنفس الطريقة التي بدأت بها في دفع طفلك لتحمّل المسؤولية، وأن تتابع تعليم طفلك على تناول الطعام وحلّ الواجبات واتخاذ القرارات التي تخصّه بنفسه، ليشعر بمسؤولية كاملة عن أفعاله وتصرفاته.
مهارات الاعتماد على النفس للاطفال
إنّ تربية طفل مستقل قادر على القيام بواجباته وتحمّل مسؤولية قراراته يتطلّب كثيرًا من الصبر والمجهود، حيث ينبغي للأهل التركيز على المهارات الأساسية التي تعزز اعتماد الطفل على نفسه، وإليك أهمّها:
وفقًا لكتاب “دعهم يأكلون الكعك” تساعد الممارسة المستمرة الأطفال على التعامل مع الإحباط والملل بشكل أفضل، وتغرس لديهم الشعور بأنّهم لا يستطيعون امتلاك كل ما يريدونه، وأنّ إنجاز الأعمال يحتاج وقتًا، وهذا بالتالي يدرّبهم على الصبر والمثابرة.
شجع طفلك على القيام بأعماله بنفسه
هذا الأمر يعتمد على عمر الطفل، فإن كان طفلك صغيرًا يمكنك أن تخبره أنّ عليه أن يأكل بنفسه وأن يرتّب ألعابه، أما إن كان أكبر قليلاً فعليه أن يعدّ طعامه بنفسه، وأن يحلّ واجباته المدرسية من غير مساعدة وأن يرتّب غرفته وسريره، لكنّك ستكون مشرفًا عليه بالطبع. الأهم أن تكون المهام الموكلة إليه تتناسب مع قدراته وعمره، لأن فشله في أدائها سينفّره من تحمّل المسؤولية.
دعه يتخذ قراراته بنفسه
دع طفلك يختار نوع الطعام الذي يريده، ولون الملابس التي يرغب بشرائها، والفاكهة التي يحبّها، فكل هذا يؤثّر على إدراك الطفل لأهمية الاعتماد على نفسه في اتخاذ القرارات.
أشرك طفلك في الأعمال المنزلية
خصص لأطفالك دورًا في جدول الأعمال المنزلية وفقًا لقدراتهم، ودع ذلك يبدو على شكل أنشطة مسلية، فمثلًا يمكنك أن تُشَغّل الأنشودة المفضّلة عند أطفالك وترقص عليها معهم خلال التنظيف.
أخبر طفلك أنّه مسؤول عن حاجياته
شجّع طفلك على ترتيب غرفته بنفسه، وإعادة ألعابه إلى أماكنها بعد اللعب بها، ووضع كتبه وحقيبته في مكانها المخصص بعد العودة من المدرسة، فهذا سيجعله يعمل أكثر ويساعد في تنظيم المنزل.
علّم طفلك الإدارة المالية
يتضمن ذلك تعليم الطفل قيمة المال – أيّ قيمة كل قطعة نقدية- وماذا يعني ذلك بالضبط، بالإضافة إلى شرح أهمية المال في حياتنا، وكيف علينا أن ننفقه بحكمة، ولا مانع من دفعه لبعض الأعمال التي تدر عليه المال في العمر المناسب.
شجعه على القراءة
ابدأ أولًا بالقراءة لأطفالك، وأشركهم في ذلك عبر طرح الأسئلة عمّا يتوقّعون حدوثه خلال القصة، لأنّ هذا سيساعد على جذب انتباه طفلك نحو التفاصيل، واندماجه في القراءة وتشجيعه عليها، وبعد ذلك أحضر لطفلك قصصًا مصوّرة وشجعه على قراءتها بمفرده، حتى يتمكّن من فَهمها وإدراك الهدف منها بشكل مستقل.
قدّر مجهوده
من المهمّ أن تخبر طفلك عن أهمية العمل الذي قام به، وكيف أنّ جهوده تجعله مقدراً أكثر، وإن لم تكن النتائج مثالية، فالمهمّ هو المجهود المبذول.
دع طفلك يتحدّث براحته
اسأل طفلك عن السبب الذي يدفعه للتصرف بالطريقة التي يفعلها عند أداء المهام الموكلة إليه، وما الذي ينوي فعله في المرة القادمة، وناقشه في الأمر، وأخبره أن فكرته مذهلة إن كانت كذلك فعلًا، أو قدّم له اقتراحات مفيدة بصيغة المقترح لا التوجيه أو الأمر.
كن قدوة له
هناك خيط رفيع يفصل بين تكليف الطفل بالمهمات التي تعزز اعتماده على نفسه، وبين أن يطلب الأهل من الطفل طلبات تجعله يظنّ أنهم اتكاليون، مما يجعلهم يصبحون نموذجًا في الاتكالية بالنسبة إليه. القاعدة الأساسية هنا هي أن تكليف الطفل يجب أن يكون بالمهمات التي تخصه هو أولًا، ثم بالمهمات التي لها قيمة وأثر، ويجب شرح هذه القيمة وهذا الأثر له. مثلاً، من الخطأ أن تطلب من طفلك أن يجلب لك الماء إلا إذا كنت مضطرًا لذلك طبعًا، مع ضرورة شرح سبب هذا الاضطرار له. طلب الماء، على سبيل المثال، هو نموذج للتكليف السلبي للمهمات الذي يأتي بنتائج عكسية في التربية.
ما فائدة تدريب الأبناء على الاعتماد على النفس؟
إذا درّبت طفلك على الاعتماد على نفسه والتصرّف بشكل مستقل، فإنّك تنمي لديه القدرات الآتية:
- امتلاك مهارات حل المشكلات بشكل فعّال.
- تعزيز احترام الطفل لنفسه.
- التفاعل الإيجابي مع أقرانه والمجتمع بشكل عام.
- التفكير بشكل مستقل وإدارة شؤونه من غير الحاجة للآخرين.
- اتخاذ القرارات وتحمّل مسؤوليتها.
- الشعور بالأمان حتى عندما يكون وحيدًا.
- إحسان التصرّف وعدم الاستسلام لمن يحاول التلاعب به.
صفات الطفل الاتكالي
هل تظنّ أنّ طفلك اتّكالي ويعتمد عليك بشكل كبير؟ قبل أن تحكم عليه، تأكد من امتلاكه للصفات الآتية:
- ضعف الثقة بالنفس:
يعتقد الطفل الاتكالي أنه لا يستطيع إكمال المهام، كما أنه قد يشعر بأنه بلا قيمة أو فائدة. - الافتقار إلى الدافع الداخلي:
يجد الطفل الاتكالي صعوبة في اتخاذ قراراته بنفسه أو حتى في إنجاز أي عمل موكل إليه لأنّه لا يمتلك الدافع.
- المماطلة:
قد يماطل طفلك في إنجاز المهمّة المطلوبة منه حتى يُشعرك بالغضب، لكن احذر من إنجاز المهمّة بدلًا منه. - الثقة المفرطة بالآخرين:
يثق الطفل الاتكالي بالآخرين أكثر من ثقته بنفسه، لأنّه يعتقد أنه لا يمتلك المعرفة أو الفهم الضروري الذي يمكنه من اتخاذ قرارات سليمة. - الشعور بالاستياء:
يميل الطفل الاعتمادي إلى الشعور بالاستياء تجاه المواقف أو الطلبات التي يراها غير عادلة، كما أنّه يركز على الأشياء التي يعتقد أن الآخرين مدينون بها له. - يتوقّعون المقابل:
يتوقّع الطفل الاعتمادي من والديه مقابلًا لإنجاز أي مهمّة، كما أنّه يعتقد أنّ من واجب الأهل مساعدته في إنجاز المهمات.
لا تظنّ أنّ تعليم مهارات الاعتماد على النفس للأطفال أمرًا بسيطًا يُمكن فعله بسهولة، فهو يحتاج إلى مجهود عظيم ووقت طويل، لكن مهما طال الأمر احذر من أن تُجبر طفلك على أيّ شيء، فمهمّتك هي غرس هذه المهارات في شخصيته بأسلوب واعٍ وفعّال.