تعلّم كيف تكسر حاجز الخجل عند طفلك؟ الأسباب والعلاج!
5 يناير 2025 | وقت القراءة : خمسة دقائق
هل تعلم أن بإمكانك ملاحظة سمات الخجل عند طفلك خلال الأشهر الأولى من عمره؟ غالبًا ما يكون الخجل جزءًا طبيعيًا من نمو الطفل، لهذا فهو غير مقلق بالمجمل، لكن ينبغي للأهل الحرص على ملاحظة سلوكيات الأطفال لتجنّب أي تأثيرات سلبية. في هذا المقال، نستعرض أسباب الخجل عند الأطفال، وكيف يمكن أن يؤثر في حياتهم اليومية، إلى جانب تقديم نصائح عملية تُساعد الأهالي على دعم أطفالهم ومساعدتهم على تجاوز هذه المرحلة بثقة.
تعريف الخجل عند الأطفال
الخجل هو سلوك طبيعي وشائع بين الأطفال، يظهر بدرجات متفاوتة بناءً على شخصياتهم وأعمارهم والبيئة المحيطة بهم، ويتجلى غالبًا في المواقف الاجتماعية غير المألوفة، أو عند مواجهة أشخاص غرباء، إذ إنّ الطفل في مثل هذه المواقف قد يشعر بالقلق أو عدم الراحة. ومن المهم في هذه المرحلة أن يتعامل الأهل بلطف مع الطفل، ويحاولوا تفهّم مشاعره وأسباب قلقه، لأنّ ذلك سيُسهم بشكل كبير في معالجة المشكلة على المدى الطويل.
تتعدد أسباب الخجل عند الأطفال لتشمل؛ العوامل الوراثية المتعلّقة بالجينات الموروثة من أحد الأبوين أو كليهما، أو شخصية تتعلّق بطبيعة الطفل وحساسيته تجاه المؤثرات المكتسبة، رغم أنّ هذه أيضًا تكون مكتسبة أحيانًا، بالإضافة إلى العوامل البيئية أو الأسرية؛ فالطفل الذي ينشأ في محيط بيئة ممتدة أو في رياض الأطفال محاطًا بعدد كبير من الأشخاص تتطوّر لديه مهارات التواصل بشكل أفضل، ناهيك عن الأسباب الأخرى المتعلقة باللغة والحواس.
أعراض الخجل لدى الأطفال حسب العمر
يختلف أسلوب الخجل عند الأطفال في مراحلهم العمرية المختلفة، وتكون عادة كما يأتي:
- الأطفال الرضع: يبدأ الخجل عند الأطفال بالظهور مبكرًا عندما يُبدي الرضيع ردود فعل تجنبيّة مثل البكاء أو تجنب التواصل البصري، أو التشبث بأحد الوالدين، أو الابتعاد عند التفاعل مع أشخاص غير مألوفين.
- مرحلة ما قبل المدرسة: يصبح الطفل أكثر وعيًا بالآخرين، وفي هذه المرحلة قد يتردد في التحدث إلى الغرباء، أو يختبئ خلف الأشخاص الذين يثق بهم كالوالدين، أو يرفض الانضمام إلى الأنشطة الجماعية.
- مرحلة المدرسة: يمكن أن يتخذ الخجل أشكالًا أكثر تعقيدًا؛ مثل تجنب المُشاركة في أنشطة الفصل أو الإجابة عن الأسئلة، أو الانسحاب من المواقف الاجتماعية، أو التردد في تجربة أنشطة جديدة، كما قد يفضل الطفل الخجول في المدرسة مراقبة الآخرين بدلًا من المشاركة الفعلية.
علامات الخجل الشديد عند الأطفال
كما بيّنا سابقًا، لا يعتبر الخجل مشكلة حقيقية دائمًا، فقد تكون حالة عابرة أو موقف حساس مرّ به الطفل فاستجاب له بطريقة غير صحيحة وبشكل تلقائي، لكن إذا ظهرت العلامات الآتية على طفلك فذلك يستدعي منك اهتمامًا أكبر:
- اضطرابات جسدية، واحمرار، وتلعثم، واهتزاز في الصوت أثناء الحديث، أو تسارع في نبضات القلب.
- رفض الذهاب إلى المدرسة.
- رفض المشاركة في الرحلات والاجتماعات العائلية.
- الشعور بالعزلة والوحدة مع عدم القدرة على الانخراط مع أحد الأصدقاء.
- لا يحسن التصرف مع الآخرين.
- الامتناع عن التحدث حتى مع الأقارب والأشخاص المألوفين.
- الاعتماد الزائد على الوالدين في الأنشطة الاجتماعية.
- الخجل من الممارسات البسيطة مثل إلقاء التحية.
- انعدام الثقة بالنفس، والخوف من التقييم.
من الممكن أن يترك الخجل أثرًا عميقًا على حياة الطفل إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح، فقد يؤثر الخجل في حالاته المفرطة على حياة الطفل من النواحي الاجتماعية والعاطفية وحتى الأكاديمية، وفيما يأتي سيتم بيان أهم هذه الآثار:
تأثير الخجل على الحياة الاجتماعية
- تقليل فرص تعلم المهارات الاجتماعية الأساسية أو ممارستها، مما يجعل الطفل يواجه صعوبة في التواصل والتفاعل مع الآخرين.
- صعوبة في تكوين صداقات جديدة أو الحفاظ عليها، وهذا سيزيد من شعوره بالعزلة.
- الحرمان من خوض تجارب قيّمة تبني شخصيته، حيث يمتنع الطفل الخجول عادةً عن المشاركة في أنشطة ممتعة مثل الرياضة أو الفنون، وهذا قد يُفقده الشغف.
التأثير النفسي للخجل
- شعور الطفل بأنه غير مهم أو غير مرئي في محيطه.
- احتمالية أن يتطور الخجل إلى قلق أو ما يُعرف بالرهاب الاجتماعي.
- مشاعر سلبية تجاه الذات، وخلل في التطوّر العاطفي للطفل.
التأثير الجسدي والسلوكي
- صعوبات في التعلم بسبب الخجل من طلب المساعدة أثناء الدراسة، الأمر الذي يؤثر في تحصيله الأكاديمي.
- التعرض للتنمر بسبب قلة تفاعله أو صعوبة دفاعه عن نفسه.
الفرق بين الخجل والرهاب الاجتماعي
الخجل سمة طبيعية تظهر لدى الأطفال في مواقف اجتماعية معينة، وغالبًا ما تكون مؤقتة وتختفي مع التكيُّف على البيئة أو الأشخاص الجدد، إلا أنّه قد يؤثر في حياة الطفل في حال منعه من التفاعل أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية. وفي العموم، يتميز الخجل بكونه موقفياً، حيث يكون الطفل أكثر ارتياحاً في بيئته المألوفة مقارنة بالمواقف الجديدة.
على العكس من ذلك، الرهاب الاجتماعي حالة نفسية يكون الخوف والقلق قبل وأثناء وبعد المواقف الاجتماعية سمتها الدائمة، وقد يظهر على شكل أعراض جسدية مثل التعرق أو احمرار الوجه أو تجنب التفاعل بشكل كامل مع الآخرين. ووفي بعض الحالات التي قد يعجز الأهل فيها عن التعامل مع الرهاب الاجتماعي عند الطفل، يُنصح باللجوء إلى مختص نفسي لتقديم المساعدة اللازمة.
لكنّ السؤال المهم هُنا، هل يمكن أن يتحول الخجل إلى قلق اجتماعي؟
نعم، في حال لم يتم التعامل مع الخجل بشكل مناسب، قد يتطور إلى رهاب اجتماعي بمرور الوقت، حيث قد يشعر الطفل بالقلق تجاه خجله نفسه، الأمر الذي سيزرع لديه أفكارًا سلبية عن نفسه، فيقول: “أنا لا أستطيع” أو “أنا مختلف عن الآخرين”، وهذه الأفكار يمكن أن تزيد من حدة المشكلة، لتصبح في النهاية حالة من الرهاب.
كيف تفرق بين صفات الطفل الخجول والمُصاب بمرض معين
لا يكون دائمًا انطواء الطفل وميله إلى العزلة علامةً على الخجل، خاصة في المراحل الأولى من عمر الطفل، لهذا ينبغي للوالدين أن يعرفوا أنّ هُناك حالات تجعل الطفل يتصرّف بطريقة غريبة لا تتلاءم مع الموقف، أو يميل إلى عدم الرد، خاصةً في حالات مثل الصمم، حيث سيواجه الوالدان مشكلة تتمثل في عدم استجابة الطفل للتعليمات، أو عدم اهتمامه بها.
وفي حالات أخرى مثل الخرس الإجباري أو الاختياري، الناتج عن حالة نفسية مثل القلق، يميل الطفل إلى عدم الاستجابة، وقد تلاحظ في حالة الخرس الإجباري أو تأخر النطق محاولات جاهدة من الطفل للحديث، بحيث يراقبك ببصره ويعبّر بأيديه وجسده، وقد يشعر بالإحباط لعدم قدرته على الكلام.
أما في حالات مثل التوحّد فقد لا يفهم الطفل الإشارات الاجتماعية فيسيء الاستجابة لها، أو قد يبدو غير مهتم بالتواصل الاجتماعي مهما حاولت اللعب معه، وفي كل الحالات السابقة، لا بدّ لك من اللجوء إلى طبيب مختص للتعامل مع الحالة.
كيف أساعد طفلي في التخلص من الخجل؟
قبل أن تتسرّع في البحث عن طرق علاج الخجل الاجتماعي عند الأطفال، عليك أن تتقبل طفلك وتتواصل معه لتتمكن من تحديد مشكلته الحقيقية ومساعدته على حلّها، وذلك من خلال ما يأتي:
- تفهّم مشاعر طفلك
تقبل مشاعر طفلك ولا تعرضه للانتقاد أو السخرية من قبلك أو من قبل الآخرين، لأنّ طفلك عندما يعلم أنك تحترم عواطفه وتتفهمها، سيشعر بالأمان ويصبح أكثر انفتاحًا للتفاعل مع الآخرين. - لا تصف طفلك بالخجول
استخدام مصطلح “خجول” لوصف الطفل أمامه أو أمام الآخرين قد يجعله يشعر وكأن الخجل صفة ملازمة له، بدلًا من ذلك ركِّز على الصفات الإيجابية في شخصيته مثل لطفه أو حبه للاستماع. - التواصل المستمر مع الطفل
عندما يقوم الطفل بسلوك يُظهر شجاعة اجتماعية، مثل تحية الآخرين أو اللعب مع أقرانه، امدح سلوكه بطريقة مشجعة، حيث إنّ الثناء على الجهود الصغيرة يبني ثقة الطفل بنفسه ويحفزه على تكرار السلوك، لكن لا تُبالغ حتى لا يشعر الطفل أنّه يفعل ذلك للحصول على الثناء فقط، بل بناء على رغبته الداخلية. - استخدم التمارين العملية
اللعب بألعاب تمثيل الأدوار أو استخدام الدمى لتقليد المواقف الاجتماعية يمكن أن يساعد الطفل على التدرُّب على تحية الآخرين أو الانضمام إلى اللعب، وهذا يُعطي الطفل فرصة للاستعداد دون ضغط. - وفّر فرصًا للتفاعل الفردي
رتِّب مواعيد لعب فردية مع أصدقاء طفلك، حيث إنّ اللعب مع طفل واحد فقط يقلل من توتر الطفل ويتيح له بناء مهاراته الاجتماعية تدريجيًا، خاصةً في المراحل الأولى. - شجّع الأنشطة التفاعلية
ابحث عن أنشطة لا منهجية تناسب اهتمامات طفلك، مثل الرياضة، أو الفنون، أو المسابقات، فهذه الأنشطة توفر له بيئة آمنة للتفاعل مع الآخرين. - حضّر طفلك للمواقف الاجتماعية
قبل أي مناسبة اجتماعية، تحدث مع طفلك عن طبيعة النشاط، والأشخاص الموجودين، وما يمكن أن يفعله إذا شعر بالتوتر، حتى تُقلل من عنصر المفاجأة وتساعده على الشعور بالسيطرة. - اطلب المساعدة إذا لزم الأمر
إذا كان خجل طفلك شديدًا لدرجة أنه يؤثر في حياته اليومية، فمن المهم أن تستشير متخصصًا نفسيًا أو طبيبًا يُمكنه تقديم الدعم والإرشاد المناسبين.
إذا كان خجل طفلك شديدًا لدرجة أنه يؤثر في حياته اليومية، فمن المهم أن تستشير متخصصًا نفسيًا أو طبيبًا يُمكنه تقديم الدعم والإرشاد المناسبين.
التعامل مع الطفل الخجول يحتاج إلى تفهّم وصبر، لكن مع الدعم التدريجي والتشجيع يُمكن للطفل أن يتخطى خجله ويكتسب مهارات اجتماعية تمنحه الثقة ليواجه العالم بثبات، لهذا عليك أن تتذكّر دائمًا أنّك مصدر الدعم والمرجع الأساسي لطفلك.