طفلك لا يستطيع الجلوس؟ إليك كل ما تحتاج معرفته عن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط

23 فبراير 2025 | وقت القراءة : خمسة دقائق

هل تشعر أنّ طفلك يواجه تحديات في التركيز ويبدو دائم الحركة بشكل مفرط؟ قد تشعر بالإحباط، لكن ماذا لو كان ما يعاني منه أكثر من مجرد سلوك عابر؟ بعض الأطفال يُعانون من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، وهي حالة قد تؤثر على حياتهم اليومية بشكل كبير، لكن لحسن الحظ هناك طرق للتعامل معها ومساعدته على التكيف. دعنا نكشف سويًا الأعراض والعلاج، وكيفية توفير بيئة تساعد طفلك على النجاح والاندماج.

ما هو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط؟

يُعرَّف اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) بأنه اضطراب عصبي نمائي يؤثر بشكل مباشر في سلوكيات الطفل وقدرته على التركيز، حيث يُظهر حركة زائدة واندفاعية يصعب السيطرة عليها، وعادةً ما تبدأ هذه الأعراض في الظهور خلال مرحلة الطفولة المبكرة، وقد تصبح أكثر وضوحًا مع تغير البيئات المحيطة، مثل دخول المدرسة التي تتطلب المزيد من التنظيم والانضباط.

قد تختلف الأعراض من طفل لآخر؛ فقد يعاني بعض الأطفال من صعوبة في الانتباه فقط دون حركة مفرطة، بينما يواجه آخرون مزيجًا من هذه الأعراض، لكن المُهم هو أن تعرف أنّ هذا الاضطراب قد يستمر مع الطفل إلى مرحلة البلوغ، ومع تلقي العلاجات المناسبة مثل العلاج السلوكي، والدعم العائلي، والتعليم، يمكن مساعدته على التكيف وتحقيق النجاح.

كيف أعرف أن طفلي عنده ضعف تركيز وفرط حركة؟

تشمل الأعراض الأساسية لهذا الاضطراب ما يأتي:

  • صعوبة الانتباه (Inattention): قد يواجه الطفل صعوبة في التركيز لفترات طويلة، وقد يتشتت بسهولة، وينسى المهام أو يتجاهل التعليمات، حتى أنّك قد تشعر أحيانًا وكأنه لا يسمع تعليماتك.
  • فرط النشاط (Hyperactivity): قد تلاحظ أنَّ طفلك لا يستطيع الجلوس بهدوء، فهو دائم التململ حتى في الأوقات التي تستدعي الهدوء، كما أنّه قد يواجه صعوبة في النوم والاسترخاء.
  • الاندفاعية (Impulsivity): من المحتمل أن يتصرف دون التفكير في العواقب، أو يُقاطع حديث الآخرين، كما قد يجد صعوبة في انتظار دوره، أو يُظهر ردود فعل عاطفية قوية وغير متوقعة.

أنواع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

يتم تصنيف اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط إلى ثلاثة أنواع رئيسة، يتم تحديدها بناءً على الأعراض الأكثر وضوحًا لدى الطفل، أولها هو النوع الذي يغلب عليه نقص الانتباه، حيث يُعاني الطفل من صعوبة كبيرة في التركيز والتنظيم، وقد يكون سريع النسيان أو يجد صعوبة في متابعة المهام، وتكون أعراض فرط النشاط أقل وضوحًا في هذا النوع.

أما النوع الثاني فهو الذي يغلب عليه فرط النشاط والاندفاع، ويتميز بكثرة الحركة والتململ المستمر، وفيه يواجه الطفل صعوبة في الجلوس بهدوء أو السيطرة على تصرفاته، بينما تكون أعراض نقص الانتباه أقل وضوحًا.

كما أنّ هناك نوعًا مشتركًا، وهو الذي يجمع بين أعراض نقص الانتباه وفرط النشاط والاندفاع بشكل متساوٍ، مما يجعل الطفل يعاني من تحديات في التركيز، بالإضافة إلى صعوبة في ضبط سلوكياته.

في بعض الأحيان، تكون الأعراض غير واضحة بما يكفي لتصنيفها تحت أي من الأنواع الثلاثة، وفي هذه الحالة يتم تصنيف الاضطراب على أنه “اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط غير محدد”.

أسباب تشتت الانتباه وفرط الحركة عند الأطفال

رغم كل الأبحاث، ما يزال السبب الدقيق لاضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لغزًا لم يُحل بالكامل، لكن الأبحاث تشير إلى أن هُناك عوامل متعددة قد تسهم في ظهوره، وهي كما يأتي:

  • الجينات: إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من هذا الاضطراب، فهناك احتمال كبير أن ينتقل إلى طفلك.
  • اختلافات في الدماغ: كشفت الأبحاث عن وجود اختلافات في بنية ووظائف الدماغ لدى الأشخاص المصابين، خصوصًا في المناطق المسؤولة عن الانتباه والتحكم بالسلوك.
  • العوامل البيئية: هذه العوامل قد تكون موجودة حتى قبل ولادة الطفل، فمثلًا؛ الأطفال الذين يولدون قبل موعدهم قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب، كما أنَّ انخفاض وزن الطفل عند الولادة وتعرّضه للمواد السامة يزيد من فرص تطور هذه الحالة، وهُناك عوامل أخرى تتعلّق بسلوكيات الأم وحالتها الصحية خلال الحمل.

هل تختلف طبيعة اضطراب (ADHD) بين الإناث والذكور؟

غالبًا ما يُشخَّص اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لدى الإناث بشكل أقل من الذكور، وذلك لأنَّ الأعراض قد تظهر لديهن بشكل مختلف، الأمر الذي يُصَعِّب التعرف عليها في بعض الأحيان؛ فبينما يُظهر الأولاد عادةً فرط النشاط والاندفاع بشكل أكثر وضوحًا، قد لا تُظهر الفتيات نفس الأعراض بنفس الدرجة، ولكنهنَّ قد يُعانين بصمت من مشكلات أخرى مثل القلق المستمر، والنسيان المتكرر، وصعوبة التنظيم، وقلة التركيز.

كما قد تتبنى الفتيات استراتيجيات أكثر فاعلية لإخفاء صعوباتهن، مثل التكيف مع البيئة المدرسية أو المنزلية بطريقة تمنع الآخرين من ملاحظة معاناتهن، لهذا فإنّ من الضروري أن يكون الأهل والمدرسون يقظين لهذه الأعراض غير الظاهرة، ويبحثون عن علامات غير مباشرة تشير إلى وجود الاضطراب، لتعزيز فرصة الحصول على الدعم والعلاج المناسب في وقت مبكر.

كيفية التعامل مع الطفل كثير الحركة قليل التركيز

يمكنُ للأهل أن يلعبوا دورًا حيويًا في دعم الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، لمساعدتهم على التكيف وتحقيق النجاح في بيئاتهم المختلفة. وإليك بعض الاستراتيجيات:

  • وفِّر بيئة منظمة: من الضروري أن تقدم لطفلك روتينًا يوميًا ثابتًا يساعده على الشعور بالاستقرار والأمان، وقم بتبسيط الجداول الزمنية قدر الإمكان، وتوفير مساحات هادئة للدراسة والعمل لأنّ ذلك يساعده على تقليل التشتت وزيادة التركيز.
  • ضع توقعات واضحة: من المهم أن تشرح لطفلك القواعد والسلوكيات المتوقعة منه بوضوح، وتُحدد العواقب المرتبطة بها، فهذا يُساعد الطفل على فهم الحدود والنتائج لأفعاله.
  • التشجيع على ممارسة الرياضة والنوم الكافي: حافظ على النشاط البدني المنتظم لطفلك، لأنّ له تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا على تحسين التركيز وتعزيز نمو الدماغ، كما عليك أن تتأكد من أنَّ طفلك يحصل على قدر كافٍ من النوم حتى لا تتفاقم الأعراض.
  • اتباع نظام غذائي صحي: من الضروري أن يحصل الطفل على وجبات منتظمة ومتوازنة، مع تقليل الأطعمة المصنعة والسكرية التي قد تؤثر سلبًا على سلوكه وتركيزه.
  • تعليم مهارات التواصل الاجتماعي: قُم بمساعدة طفلك على تحسين مهاراته في الاستماع وفهم تعابير الوجه وكيفية التفاعل بشكل مناسب مع الآخرين، وذلك ليتمكن من تطوير علاقات صحية مع أقرانه.
  • التركيز على نقاط القوة: شجع طفلك على الإبداع والمرونة في حدود قدراته، وأعطه الفرص ليُظهر ما يستطيع القيام به.

تعديل سلوك الطفل كثير الحركة

لا يوجد علاج نهائي لاضطراب تشتت الانتباه وضعف التركيز عند الأطفال، لكن يُمكن التحكم في الأعراض من خلال مجموعة من الحلول التي تساعد طفلك على التكيف والعيش بشكل أفضل، منها ما يأتي:

  • العلاج السلوكي
    يهدف إلى تعليم طفلك كيف يدير مشاعره ويُنظم أفعاله، كما يشمل تدريب الأهل على التعامل مع سلوكياته بطريقة تساعده على التحسن، وهذا يساعد في خلق بيئة منزلية أكثر هدوءًا واستقرارًا.
  • العلاج الدوائي
    قد تكون الأدوية مفيدة لتحفيز أجزاء الدماغ المسؤولة عن الانتباه والسلوك، لكنّها لا تؤخذ إلا باستشارة الطبيب، ومنها الأدوية المنشطة التي تُعد الأكثر استخدامًا، والأدوية غير المنشطة لبعض الأطفال الذين لا يتحملون الأدوية المنشطة أو يُظهرون أعراضًا جانبية غير مرغوب فيها، بالإضافة إلى مضادات الاكتئاب التي قد توصف في بعض الحالات إذا كان هناك قلق أو اكتئاب مصاحب للطفل.
  • الدعم المدرسي
    قد يحتاج الطفل إلى مدرسة خاصة ومناسبة له، بحيث تسمح مثلًا بتخصيص وقت إضافي لأداء الواجبات أو توفير مكان هادئ يساعده على التركيز.
  • العلاج النفسي
    يمكن أن يكون العلاج النفسي مفيدًا إذا كان طفلك يُعاني من قلق أو مشاعر أخرى مرتبطة بالاضطراب، وذلك بهدف مُساعدته في التعامل مع مشاعره وتحسين حالته النفسية.

التعامل مع الطفل كثير الحركة قليل التركيز يتطلب جهودًا متضافرة بين الأهل والمدرسين والمتخصصين في هذا المجال، وذلك لضمان تحسين حياة الطفل، ومُساعدته على التكيف بنجاح في مختلف البيئات.