امنح طفلك حرية الأكل ولا تكُن السبب في تنشئة طفل انتقائي
29 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
يعاني الكثير من الأهل من مشكلة الأكل الانتقائي عند أطفالهم، وهي مُشكلة شائعة جدًا عند مُعظمِ الأطفال في مراحل معيّنة، لهذا لا ينبغي القلق بشأنها إن لم تتجاوز الحدود أو تُنبّئ عن أخطار حقيقية. وبشكل عام، يرفض الطفل الانتقائي تناول العديد من أصناف الطعام ولا يتقبّل إلا أصنافًا محددة يختارها بنفسه، وعادةً ما يكون نظامه الغذائي محدودًا جدًا.
متى تبدأ بتعزيز التغذية السليمة عند طفلك؟
وجدت الأبحاث أن مُشكلة الأكل الانتقائي عند الأطفال تبدأُ من عمر سنة ونصف إلى أربع سنوات، وتكون ذروتها في عمر ثلاث سنوات تقريبًا، ووفقًا لدراسة أُجريت على أطفال بين 4 و9 سنوات، فإنّ الأطفال الانتقائيين في الأكل عادةً ما يبقون كذلك؛ لهذا عليك أن تبدأ بتنظيم عادات طفلك الغذائية في عمر مبكّر، ويُفضّل البدء مع الطفل قبل أن يبلغ العامين، وذلك من خلال تقديم أصناف متنوعة من الأكل؛ بما فيها الخضراوات والفواكه، وإعداد مائدة محددة للجميع وعدم طهي طعام مخصص له، بحيث يأكل من نفس الأكل الذي يأكله أفراد العائلة، بشرط أن يكون الطعام سلسًا ولا يُعرضه لخطر الاختناق.
أسباب الأكل الانتقائي عند الأطفال
لا تكون أسباب الأكل الانتقائي مُقلقة عادةً فقد تنتج بسبب تغيّرات طبيعية في جسم الطفل وعاداته. ويُمكنك أن تتعرّف إلى السبب الخاصّ بطفلك من خلال مراجعة النقاط الآتية:
- الحالة النفسية للطفل:
وجدت الدراسات أنّ العديد من الأطفال الانتقائيين في الأكل يُعانون من مُشكلات في الصحة السلوكية لا تقلّ أهمية عن الأمراض البدنية، كالتوتّر والخوف والاكتئاب. - الأهل أنفسهم:
يتعامل الكثير من الأهالي بطريقة خاطئة مع عادات أطفالهم الغذائية، كأن يكونوا صارمين للغاية بشأن الأطعمة الصحية التي يجوز تناولها، أو أن يُصروا على أن يأكل الطفل وجبات كثيرة ذات سعرات عالية حتى لا يقلّ وزنه، مع عدم وجود حاجة إلى ذلك. - التطوّر الطبيعي:
على الرغم من أن الفضول عند الأطفال يزداد مع تقدّمهم في العمر إلا أنّهم يُصبحون أكثر حذرًا أحيانًا من تجربة الأشياء الجديدة، وهذا أمر طبيعي. - الطعم أو القوام:
بعض الأطفال حساسون تجاه شكل الوجبة أو قوامها أو طعمها، فقد ينفر الطفل من الفواكه ذات الوبر، أو من الأطعمة الحارة. - الاستقلالية:
قد يُحاول الطفل التأكيد على شخصيته المُستقلة بانتقاء أصناف معيّنة من الطعام ورفض غيرها. - العادات الغذائية:
إذا اعتاد الطفل على أنواع محددة من الطعام خلال المراحل المُبكرة من حياته، فمن المرجّح أنّه لن يتقبل الأصناف الجديدة. - معاقبة الطفل أو مكافأته لقاء الأكل:
سواء عاقبت طفلك لأنّه لم يأكل أو كافأته لأنّه أكل فأنت تجعل منه طفلًا انتقائيًا يُفكّر في العقاب أو الرِشوة التي ستقدّمها له قبل أن يتخذ قراره بشأن ما يأكله.
حتى تغرس عادات غذائية إيجابية لدى طفلك لا يتوجّب عليك إجباره بأيّ طريقة، وإنّما عليك أن تحترم رغباته، فهو الوحيد الذي يعرف ما إذا كان جائعًا أم لا، وما إذا كانت الكمية التي قد تناولها كافية ومُشبعة بالنسبة إليه. والأمر ينطبق أيضًا على شهية الطفل تجاه صنف معيّن من الطعام، فإن لم يُبالغ الطفل في رفض الأطعمة وكان يرفض أحيانًا تناول أطعمة ذات ملمس معيّن أو طعم مميّز لا تُجبره على تناولها.
عادةً ما تنتج العادات الانتقائية في الأكل عند الأطفال بسبب سلوكيات الأهل المُتعلّقة بإجبار أطفالهم على تناول الطعام، أو وضع خيارات محدودة جدًا، أو تقديم الرشوة للطفل حتى يأكل، أو مُكافأته على السلوكيات الإيجابية بطهي الوجبات التي يريدها، وهذه كلّها سلوكيات خاطئة، بل قد تُسبب له مشكلات صحية مثل السمنة وسوء الهضم وقلة الشهية والشعور بالاختناق، فضلًا عن المُشكلات النفسية المتعلّقة بالقلق وضعف الرابطة بين الأهل والطفل وانعدام الثقة بالنفس.
كيف تعزز العادات الغذائية الصحية لطفلك؟
لا ينبغي للأهل التدخّل في عادات الطفل الغذائية بشكل مُباشر لأنّ ذلك قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، لكن إليك بعض النصائح والإرشادات الفعالة:
- لا تقتصر على تقديم الأطعمة المفضّلة لطفلك على المائدة، فمن المهم أن يُجرّب الطفل الأطعمة المُختلفة مرارًا ليتمكّن من تقبّلها.
- قلل من تناول المشروبات ذات السعرات الحرارية العالية لطفلك، لأنّ شرب الكثير من الحليب أو العصير قد يُشعر طفلك بالامتلاء فلا يُقبل على الطعام.
- نظّم الوجبات الغذائية، وذلك من خلال وضع جدول محدد للوجبات الرئيسة أو الوجبات الخفيفة والالتزام بها، وإلزام الطفل بالجلوس على المائدة حتى لو لم يُرد تناول الطعام، لأنّ التزام الجميع بالقواعد بمن فيهم الطفل يجعله أقلّ تمرّدًا.
- لا تقدّم الطعام لطفلك في الوقت الذي يريده ووفقًا للأصناف التي يرغب بتناولها فقط.
- اجعل وقت الطعام ممتعًا، وذلك من خلال تشارك العائلة في حديث ممتع، أو تناول الطعام في الحديقة أو غير ذلك.
- ناقش طفلك في الأصناف التي يُحبّ تناولها، وقدّم له الخيارات الغذائية الصحية ودعه يأخذ القرار بنفسه.
- لا تُسرع بتقديم الأطعمة البديلة إذا شعرت أن طفلك لم يتقبّل الوجبة تمامًا، ولا تُعلّق إذا رأيته يُراوغ حتى لا يشعر الطفل بأهمية ذلك فيفعله مرارًا، كأن يأكل الأرز ويترك الخضار.
- لا تكثر من طهي الوجبات الخفيفة، لأنّ ذلك سيُشعر الطفل أنّ من الطبيعي عدم تناول وجبة الغداء مثلًا لأنّ هناك وجبة بديلة ستقدّمها له بعد قليل، لكن إذا شعر بالجوع وانتظر وجبة العشاء لن يكرر ذلك وسيتناول الوجبات بمواعيدها.
- لا تصنع الحلوى كلّ يوم، فإذا أكل الطفل الحلوى قبل الوجبة سيشعر بالامتلاء، وإذا أعددتها وتركتها ليتناولها بعد الوجبة قد يرفض الأكل حتى يحصل عليها، ولن يكون منع الحلوى عنه هو الحل في هذه الحالة، لهذا لا تجعله يعتاد على وجود طبق الحلوى دائمًا.
متى تلجأ إلى متخصص في التغذية السليمة للأطفال؟
لا تُعدّ تحدّيات الأكل عند الأطفال مُقلقة عادةً، حيث إنّ الأطفال ينمون من يوم إلى آخر، وتتغيّر عاداتهم الغذائية بشكل مُتسارع، كما أنّ كلّ طفل له شخصيته الفريدة ولا يجوز قياس سلوكياته الغذائية على غيره، والأمر مُعتمد على العديد من العوامل؛ كالمجهود البدني الذي يبذله الطفل أو طبيعة تقبّله للأطعمة أو عادات الأهل الغذائية.
لكن إذا وجدت أنّ صحة طفلك تتأثر؛ كأن يُصبح وزنه أقل من الطبيعي أو يكون وجهه شاحبًا تظهر عليه علامات التعب والإرهاق، أو بدأ يُعاني من مشكلات صحية أو نفسية بسبب عدم تناول الأكل الصحي وعدم انتظام العادات الغذائية، عندها عليك أن تلجأ إلى متخصص يُقدّم الدعم اللازم.
ينبغي للأهل التركيز على تقديم الأكل الصحي والمتنوع لأطفالهم منذ سنٍّ مبكرة، فهذا سيقلل من احتمالية تعرّض الأطفال لمشكلة الأكل الانتقائي التي يتوجّب التعامل معها بشكل خاص.