أساسيات تعليم القيم الأخلاقية للأطفال .. ممارسات خاطئة عليك تجنّبها!

17 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق

تلعب المبادئ الأخلاقية دورًا حيويًا في حياة الأفراد، فهي تُسهم في توجيههم لاتخاذ قراراتهم بحكمة، والتمييز بين الخير والشر. وإنّ تعزيز هذه القيم لدى الأطفال يُشجعهم على بناء علاقات صادقة، وتكوين شخصياتهم القويّة الصالحة على المدى البعيد، حيث يتمسّك البالغون بالمبادئ التي ترسخت في أذهانهم منذ الصغر خلال تفاعلهم مع العائلة والمدرسة والأصدقاء والبيئة الاجتماعية.

أهمية تربية الأطفال على الأخلاق الحميدة

الطفولة فترة حساسة يتعرض فيها الطفل لمراحل نموّ متعددة وبيئات متنوعة، مما يجعله يواجه تحديات جديدة تُسهم في تطوره ونموّه. وفي هذه المرحلة، تلعب القيم الأخلاقية دورًا هامًا في توجيه سلوك الطفل، فهي تعزز من مسؤوليته وصدقه، وتمكّنه من اتخاذ القرارات الصحيحة حتى في ظل الظروف الصعبة.

القيم الأخلاقية الصحيحة تساعد على تطوير شخصية الطفل وتُعلِّمه التفريق بين الصواب والخطأ، فهي المعيار الذي يوجهه في ظلّ التحديات والظروف الجديدة، ويجعله شخصًا صالحًا يؤثر في المجتمع على نحو إيجابي. كما تعمل الأخلاق الحميدة على تعزيز رغبة الأطفال في التعاون والاحترام والتسامح، وتساهم في بناء علاقات صحية ومتناغمة مع الآخرين، وفهم مشاعرهم والتعاطف معهم، وتحقيق التوازن العاطفي.

ما هي القيم التي يجب تعليمها للأطفال؟

لا نستطيع أن نُحصي القيم الأخلاقية التي يجب على الأهل تعليمها لأطفالهم، فالحياة مليئة بالأمثلة، لكن نذكر لكم بعضها بإجمال:

  • الصدق
    الصدق من أهم القيم الأخلاقية التي ينبغي أن تعلّمها لطفلك، وتشجِّعه على ممارستها بانتظام ليفهم أهميتها الحقيقية؛ حيث إنّ الصدق يعلم الطفل أن الاعتراف بالأخطاء أفضل من الكذب لإخفائها، وأنّ ذلك سيُجنّبه التعرّض لمُشكلات أكبر في المستقبل.
  • الأمانة 
    الأمانة هي عكس الغش والسرقة والانتهازية، وهي قيمة مهمة ينبغي للأهل التركيز عليها؛ وذلك من خلال الإشارة إلى أنّ الفشل لن يحلّه الخلق السيء، فإذا لم يتمكّن الطفل من حلّ الامتحان فإنّ عواقب الرسوب والحصول على فرصة أخرى للنجاح أخفّ بكثير من عواقب الغش. 
  • التعاطف
    يُعرف التعاطف بأنه الشعور بالحب والاهتمام تجاه الآخرين، وإذا مارس الأهل قيم التعاطف مع أطفالهم منذ سن مبكرة بشكل عمليّ، فإنّ ذلك سيعزز فهمهم لأهمية هذه القيمة في المحافظة على الروابط الاجتماعية ومُساعدة الآخرين. 
  • القناعة والرضا
    القناعة الشعور بالتقدير لكلّ ما يملكه الإنسان، وعليك أن تعلم طفلك ألّا يعتاد على النعمة وينظر إليها على أنّها أمر مفروغ منه، وأن يُقدّر مشاعر الآخرين الذين لا يمتلكون ما لديه، فكلّ ما يمتلكه في الحياة من أهل أو مال أو صحة أو غير ذلك نِعَم عليه أن يرضى بها ويشكر الله عليها.
  • التعاون 
    التعاون هو مساعدة الآخرين في سعيهم نحو تحقيق هدف مشترك، وأول محطة لتعليم هذا الخلق هي العائلة؛ حيث ينبغي للأسرة أن تكون قدوة للطفل من خلال إنجاز الأعمال بالتشارك والحرص على تمكين مهارات الاستماع والتعاطف مع الجميع.
  • المسؤولية 
    عليك أن تعلّم طفلك أن يكون مستقلًا ومسؤولًا عن نفسه وتصرّفاته، ويكون ذلك من خلال تحميله مسؤوليات بسيطة مثل غسل الأطباق، وتنظيم الأشياء، وقضاء الوقت مع العائلة، وتشجيعه على القيام بها، على أن لا تكون المهمات مشروطة بالحافز حتى تكون المسؤولية نابعة من الوازع الداخلي لدى الطفل لا من رغبته بالهدية أو التقدير.
  • الكرم
    عليك أن تُعلّم طفلك ألا يكون أنانيًا، وأن يُشارك أشياءه مع الآخرين في حدود المعقول، ويُمكنك أن تُشجعه على ذلك بأن تكون القدوة الحسنة له، كأن تأخذه معك عندما تتصدّق على أحد المُحتاجين أو تتبرّع للجمعيات الخيرية، وتُخبره أنّ بإمكانه أن يُساهم بأيّ مبلغ مهما كان بسيطًا.
  • الاحترام
    علّم طفلك أن يُظهر احترامه للآخرين وألّا ينتقص من أحد لأيّ سبب كان، خاصةً إذا كان كبيرًا في العمر أو المقام. 
  • العدالة 
    بيّن لطفلك أنّ البشر خُلقوا متساوين لا فضل لأحدهم على الآخر، مهما كانت ألوانهم أو أشكالهم أو أعراقهم، وأنّ الصحة والمال والذكاء والجمال نعمة علينا أن نشكر الله عليها لا أن نتباهى بها، فنحن لم نحصل عليها بمجهودنا.

كيف تغرس القيم الأخلاقية في طفلك؟

في الواقع، لا يُمكننا إعطاؤك طريقة سحرية لتعلّم طفلك الأخلاق بسهولة، فالأمر يحتاج إلى الكثير من الصبر والممارسة، لكن هناك مجموعة من الأساليب التربوية الفعالة يُمكنك اتباعها: 

  • كُن قدوةً حسنة لطفلك؛ فهو يُقلّدك بكلّ ما تفعله دون أن يُفكّر في مدى صحة هذا التصرف، لهذا ابدأ من نفسك وقوِّم سلوكياتك ليتعلّم طفلك منك عمليًا. 
  • ناقش طفلك في أفكاره ومعتقداته، أو شاركه في حديث مطوّل حول سلوك البطل في الفيلم الذي شاهده أو القصة التي قرأها أو حتى عن الدرس الذي تعلّمه في المدرسة. 
  • اقرأ له القصص التي تتضمّن شخصيات صالحة لديها قيم أخلاقية عالية، أو حتى تلك التي تتضمّن شخصيات سيئة التصرّف وبيّن كيف تعلّمت الشخصية من خطئها وقوّمت سلوكها. 
  • دع الطفل يرى عواقِب سلوكياته، فإذا أساء الطفل إلى صديقه بأيّ طريقة، بيّن له أنّه قد يخسر صديقًا رائعًا، وأنّ صديقه الآن حزين جدًا.
  • بيّن له أهمية الخلق الذي يجب أن يتحلى به، فلو كنت تتحدّث له عن الأمانة على سبيل المثال، أخبره أنّ الغش والسرقة يتسببان في ضياع الحقوق، وأنّ مثل هذه الأخلاق السيئة إذا انتشرت في المُجتمع سينتشر الفساد، ولن يأمن الإنسان على أبسط ممتلكاته، وأنّ الناس يبتعدون عن الغشاش، وهكذا. 
  • شجّع طفلك على التفكير في تأثير القيم الأخلاقية عليه وعلى الآخرين، وعلى النظر من منظورهم، ليختار التصرّف الصحيح بنفسه.
  • اربط الأخلاق بالأحداث اليومية حتى يتمكّن الطفل من فهم المقصود، فمثلًا إذا رأيت شخصًا يُساعد مُسنًّا امتدحه وأخبر طفلك أنّ هذا خُلق رائع. 
  • شارك طفلك في عمل الخير، كأن تذهب معه لمبادرة تطوّعية لتنمي بذلك مهارات الطفل الاجتماعية. 

أمور عليك تجنّبها عند تعليم الأطفال القيم والأخلاق

يتعرّض الأهل خلال تربية الأطفال وتدريبهم على القيم الأخلاقية للكثير من التحدّيات، فيقعون في أخطاء متعددة، لهذا سنعرض لك أهم الأمور التي عليك تجنّبها:

  • لا تتحدّث مع طفلك عن القيم التي لا تُناسب عمره، كأن تُخبر طفلك ذا العامين عن أهمية المسؤولية المشتركة في تنمية المجتمع.
  • لا تكافئ طفلك بالمال أو الهدايا مقابل أي خلق يُمارسه، لأنّ ذلك سيجعله يفعله فقط ليحصل على المُقابل. 
  • تجنّب إلقاء المُحاضرات، وقم بشرح الأمر بطريقة ودّية.
  • لا تترك طفلك يتعلّم الأخلاق من التلفاز أو أي وسيلة تكنولوجية أخرى، لأنّها جميعها مليئة بالرسائل الموجّهة لإفساد الأطفال.
  • لا تحتفظ بقناعاتك لنفسك، وعند اتخاذ أي قرار خاصّ بالأسرة قد يتفهّمه الطفل بطريقة خاطئة، وضّح له السبب.
  • لا تُجادل طفلك كثيرًا أو تُظهر رفضك غير المبرر خلال الحديث عن الأمور المنتشرة المُثيرة للجدل، فهذه القيم الخاطئة يسمعها الطفل في كلّ مكان، ولن يقتنع بمجرّد رفضك لها، لهذا كُن واعيًا واتّبع الأسلوب العلمي الصحيح لتعديل أفكاره.

وفي نهاية هذا المقال، نؤكّد على أهمية اتّباع الأسلوب الواعي والمنهجية العلمية في غرس القيم الأخلاقية عند الأطفال، ولعلّ أهمّ نقطة فيها هي البدء بتقويم أخلاقنا أولًا لنكون القدوة الحسنة لأطفالنا.