أهمية التواصل الفعال مع الأطفال قبل تعديل سلوكياتهم

11 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق

يحتاج الأطفال إلى الشعور بالحب والاهتمام من قبل الأهل بشكل دائم، وقد يقومون بفعل أيّ شيء لجذب انتباههم، ويعبّرون عن ذلك أحيانًا بارتكاب سلوكيات خاطئة. وإنّ أهمّ ما يُمكن للأهل فعله في هذا الإطار هو فهم الطفل ومنحه الشعور بالأمان والتقدير والاحترام، لأنّ ذلك سيولّد نوعًا من التعلّق الإيجابي بين الطفل والأهل، مما يُسهم في دعمه وتعزيز احترامه لذاته وتنمية شخصيته على المدى البعيد. 

أهمية التواصل مع الأطفال قبل تصحيح سلوكياتهم

من أهم مبادئ التربية العلمية الواعية مبدأ: “التواصل قبل تصحيح السلوكيات”، ويقوم هذا المبدأ على منح الطفل الاهتمام والرعاية والحب الكافي ليشعر بأمان وطمأنينة، ويحسّ أنّ آراءه وكلماته مسموعة قبل إملاء الأوامر أو محاولة تصحيح أي سلوك خاطئ للطفل، حيث تشير الدراسات العلمية الحديثة إلى أننا لن نستطيع أن نؤثر على أطفالنا قبل أن نبني علاقة صحية متكاملة معهم، فالأمر متعلّق بالقلب والعقل معًا. 

إذا كانت طريقتك في التعامل مع طفلك تعتمد في أساسها على الصراخ أو التعنيف أو العقاب فإنّك بذلك تُنشئ طفلًا يحمل مشاعر مضطربة، وقد يميل إلى العناد أو الهجوم أو العدوانية في كثير من الأحيان، أما لو قدّمت لطفلك الحب غير المشروط من خلال التواصل مع الطفل ودعمه في كلّ مرحلة من مراحل حياته ستجد أنّه أصبح أكثر انفتاحًا وتقبلًا لك، وهذا بالطبع لا يعني تلبية رغبات طفلك جميعها أو منحه الحريّة المُطلقة دون أيّ رقابة، بل هو أسلوب يعتمد على التعامل الإيجابي الواعي مع طفلك.

نصائح للتواصل الصحيح مع الأطفال

إليك مجموعة من النصائح التي ستُساعدك على التواصل مع أطفالك بطريقة إيجابية وفعالة:

  • قضاء وقت خاص مع الأطفال:
    عندما يرى طفلك أنك تستمتع بوقتك معه سيشعر بالارتباط العميق بك.
  • الاستماع الجيد:
    عندما تكون مع طفلك عليك أن تتوقف عن التفكير في أي شيء آخر وتركز على طفلك، وتستمع لما يقوله أو يشعر به بانتباه.
  • إظهار الاهتمام:
    أظهر لطفلك أنك تتفهم مشاعره، سواء كان يشعر بالسعادة أو الحزن، فهذا سيسهم في تقوية علاقتكما.
  • مشاركة المشاعر والأفكار:
    عندما تشارك طفلك بعض أفكارك بصدق، فإنك تخلق بيئة من التواصل الإيجابي، لكن عليك أن تُراعي نوعية الأفكار التي تُشاركها مع طفلك، بحيث تكون ملائمة لشخصيته وسنه. 
  • طرح أسئلة تثير فضول طفلك:
    اسأل طفلك أسئلة تشجعه على التفكير، فهذا سيساعده في فهم عواقب اختياراته ويعزز التواصل العقلاني.
  • إظهار الحب:
    عليك أن تُظهر مدى حبّك لطفلك بجميع الطرق، سواء كان ذلك بالكلمات كأن تقول له: “أنا أحبّك”، أو بالأفعال كأن تأخذه في نزهة، أو بالاتصال الحقيقي الذي يتمثل بالعناق والتقبيل.

كيفية تعديل السلوك عند الأطفال

لا يعدّ التواصل مع الطفل عملية آنية تقوم بها بعد وقوعه في الخطأ فحسب، بل هو أسلوب دائم ينبغي للأهل اتّباعه مع أطفالهم لتقوية الرابطة بينهم، وتعزيز الشعور الإيجابي الآمن لدى الطفل، لكن إذا اقترف الطفل خطأً ما، هناك طريقة فعالة للتواصل معه والتوصل إلى حل: 

  • حافظ على هدوئك:
    حافظ على هدوئك عند ارتكاب الطفل للسلوك الخاطئ حتى لا يُصدر ردة فعل عدوانية تجاه هذا الأمر، كأن يزداد عنادًا أو يُكثر من الجدل. 
  • لا تتصرف فورًا:
    قد يصحح الطفل سلوكه الخاطئ بنفسه، لهذا دع الأمور تجري بطريقة طبيعية. 
  • دع طفلك يُدرك العواقب الطبيعية للأمور:
    إذا كسر الطفل دميته مثلًا لا تتسرّع في توبيخه أو إخباره بعواقب خطئه لأنّه سيُدركها بنفسه عندما يكتشف أنّه قد حرم نفسه من اللعب بها.
  • استمع إلى طفلك:
    قد يحتاج طفلك إلى تقديم تبرير لما فعله أو الدفاع عن نفسه وإظهار مشاعره، وعليك أن تستمع لما يقوله باهتمام. 
  • ناقش طفلك:
    أخبر طفلك عن عواقب الخطأ الذي ارتكبه إن لم يكن قد اكتشفه بنفسه. 
  • شارك طفلك في إيجاد الحلول:
    اقترح عليه حلولًا مناسبة، ويُمكنك أن تضع له مجموعة من الخيارات إن أمكن ذلك. 
  • ساعد طفلك في تنفيذ الحل:
    هذا سيُظهر لطفلك أنّك تحبه وتقف إلى جانبه في جميع الأوقات، وأنّ المُشكلة تكمن في الخطأ الذي ارتكبه وليست فيه. 
  •  حاول أن تستخرج الدروس المُستفادة:
    بعد حلّ الخطأ ناقش طفلك في الدرس الذي استفاده بعد أن قام بتصحيح الخطأ، واغرس فيه القيم الإيجابية والأخلاق الحميدة.

كيفية الاستماع إلى مشاعر وأفكار الأطفال

يعدّ الاستماع أساسًا لحلّ مشاكل التواصل بين الأهل والأطفال في أغلب الأحيان، فإذا شعرت برغبة طفلك بالحديث بادر أنت وأخبره أنّك تشعر أنّه يريد قول شيء ما، وعندما يبدأ بالحديث حافظ على التواصل البصري بينكما، واستمر بالإيماءات والإشارات التي تُظهر تفهّمك لمشاعره، كما يُمكنك بين الحين والآخر أن تقول كلمات مثل: “أنا أتفهمك”، أو “نعم، أنت على حق”، ليشعر الطفل باهتمامك بمشاركته مشاعره وأفكاره. ولا تنسَ أن تضع جميع أجهزتك بعيدًا حتى لا تُشتت طفلك أو تُشعره بعدم الاهتمام.

إضافةً إلى ذلك، يُمكنك أن تُظهر الجانب الإيجابي من حديث طفلك، فإذا كان يُدافع عن نفسه لأنّه ارتكب خطأً ما، قل له: “كلّنا نُخطئ، لكن المهم أنّك تعلّمت من خطئك وأثبتّ أنّك طفل رائع بالفعل”، وإذا شعرت أنّه يواجه مشكلة لا يستطيع حلّها بنفسه، حاول أن تقترح عليه حلولًا بسيطة، وفي نهاية الحديث اشكره على مشاركتك أفكاره ومشاعره، وحاول الثناء عليه، واشكره أيضًا لأنّه استمع إلى نصائحك وتوجيهاتك. 

حتى يتمكّن الأهل من بناء علاقة إيجابية مع أطفالهم، عليهم أن يُتقنوا مهارات التواصل مع الأطفال في مختلف الأعمار قبل أن يبدؤوا بتصحيح سلوكياتهم، فلن تستطيع التأثير في طفلك ما لم تقم بتقوية الرابطة بينكما وتبنِ علاقة قائمة على الحب والاهتمام.