لماذا يجب أن تشعر بالسعادة عندما يناقش طفلك قراراتك؟
11 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
يُسهم الحوار الفعّال مع الأطفال منذ سن مبكرة في تشكيل شخصية الطفل القوية والمستقلة، وتنمية مهاراته الاجتماعية والعاطفية والتعليمية على المدى البعيد، وهذا بدوره يُهيّئ الطفل لتحقيق النجاح في حياته العملية والاجتماعية في المُستقبل. وبمجرّد أن يبدأ الأطفال رحلتهم نحو النمو والتعلّم يتوجّب على الأهل التركيز على تعليمهم مهارات الحوار في الطفولة المبكرة وتطويرها.
مهارات الحوار في الطفولة المبكرة
حتى يتعلّم الطفل أساسيات الحوار الناجح قد يستغرق وقتًا طويلًا، وهذا الوقت يختلف من طفل إلى آخر بسبب اختلاف القدرات والظروف، وبالعموم هناك ثلاث مهارات أساسية لتدريب الأطفال على الحوار في الطفولة المبكّرة، وهي كما يأتي:
- الممارسة:
تحدّث مع طفلك في جميع المناسبات، وعلّمه المُفردات المهمّة التي تُقال في كلّ موقف، فمثلًا أخبره أننا نرحّب بالآخرين من خلال قول: “مرحبًا، كيف حالك؟”، وأخبره أنّ عليه أن يقول “شكرًا” لمن يُساعده، و”آسف” إذا أخطأ في حقّ أحد، وهكذا. لا تنتظر أن يتعلم هذه الكلمات والمواقف بمفرده ومن خلال المراقبة. - التشجيع:
شجّع طفلك على بدء المحادثات مع الآخرين، واستمر في تذكيره بأسلوب مبسّط ليتواصل مع الآخرين بطريقة بصرية ويتفهّم مشاعرهم ووجهات نظرهم. واقترح أفكارًا للحوار يمكنكما التحدّث عنها، وتبادل معه الأسئلة والأجوبة باستمرار. - الإرشاد:
حاول أن تضع قواعد للمحادثات والحوارات العائلية، وامتدح طفلك عندما يتحدّث بشكل جيد، وأخبره عن أخطائه بطريقة لطيفة ليتعلّم منها.
أنشطة وألعاب لتعزيز مهارات الحوار مع الطفل
يُمكن للأنشطة والألعاب أن تُسهم بشكل فاعل في تعزيز مهارات الحوار لدى الطفل، وإليك بعض الأنشطة التي يمكنك ممارستها مع طفلك:
- قراءة القصص:
اقرأ القصص لطفلك بشكل مستمر، وناقشه في أحداث القصة، واطلب منه أن يتوقّع الأحداث القادمة. - لعبة الصراحة:
اطلب من طفلك أن يسألك أي سؤال يجول في خاطره وأجبه عنه بصدق، واطرح عليه الأسئلة. - تمثيل مسرحية:
اختر الأدوار المُناسبة لك ولطفلك، ودرّبه على الحوار والتعبيرات الصحيحة، ومثّلا المسرحية أمام العائلة. - المشاركة في اللعب:
العب مع طفلك الألعاب التي يحبّها، وتحدّث معه أثناء اللعب. - الألغاز:
اختر ألغازًا تناسب مستوى طفلك، واطرحها عليه في جوّ عائلي تفاعلي. - لعبة إكمال القصة:
تتلخّص هذه اللعبة في أن يبدأ أحد أفراد العائلة بسرد قصة من خياله، ويُكملها البقية جملةً جملة بالتتابع.
تختلف مهارات الحوار التي يجب تعليمها للأطفال باختلاف مراحلهم العمرية، وذلك بسبب اختلاف مستويات تفكيرهم وقدراتهم على فهم الحوار والمُشاركة فيه، بالإضافة إلى امتلاكهم للقاموس الكافي من المُفردات اللازمة لإجراء الحوار المُتكامل.
أساليب الحوار للأطفال حديثي الولادة
لا يتحدّث معظم الأطفال في أول عامين من العمر إلا بكلمات وتعبيرات بسيطة جدًا، لهذا ستكون مهمتك في هذه المرحلة تعتمد على الحديث بشكل أكبر، وإليك بعض النصائح المهمّة:
- تحدّث مع طفلك باستخدام لغة بسيطة وواضحة عن أنشطتك اليومية ومشاعرك ونحو ذلك.
- حافظ على التواصل البصري مع طفلك لأنّ ذلك سيشعره بالاهتمام.
- اقرأ لطفلك القصص المصورة البسيطة جدًا.
- استخدم تعبيرات الوجه كالضحك والحزن ونحوها.
- استمع لطفلك جيدًا وحاول أن تفهمه مهما كانت طريقته بالتعبير، حتى لو كانت مجرد بكاء أو ضحك.
أساليب الحوار للأطفال في عمر (2-5) سنوات
في مرحلة الطفولة المبكرة يبدأ الأطفال بتطوير مهارات الحوار الأساسية، وعليك في هذه المرحلة أن تتبع ما يأتي:
- استمع لطفلك جيدًا:
دع طفلك يتحدّث ليشعر بأنّه يقول أشياء مهمة، وليتعلّم منك مهارات الاستماع، وتبادل معه محادثات بسيطة وقصيرة، ولا تقاطعه أبداً. - اتبع أسلوب الأسئلة والأجوبة:
اطرح أسئلة بسيطة على طفلك وساعده في إيجاد الإجابة لها، ويُمكنك أن تزوده بخيارات ليفهم السؤال بشكل أفضل.
أساليب الحوار للأطفال في عمر (6-12) سنوات
في هذه المرحلة يكون أسلوب الطفل قد تطوّر وأصبح بحاجة لتعلّم مهارات أكثر تعقيدًا، وإليك بعض النصائح:
- درب طفلك على مهارات الاستماع الأكثر تعقيدًا:
اجعل جملك أطول أثناء المحادثة، واستمع لما يقوله طفلك بعناية. - استخدم مفردات جديدة:
في هذه المرحلة يكون الطفل أكثر نُضجًا ومقدرة على استيعاب الكلمات الجديدة ليتوسّع قاموسه اللغوي. - طوّر البنية اللغوية للجمل:
تحدّث بجمل مركّبة بشكل صحيح ومتينة. - درّب طفلك على فهم الإشارات غير اللفظية:
أخبر طفلك عن معاني الإشارات والإيماءات التي تصدر عن الشخص خلال الحديث.
أساليب الحوار للأطفال في عمر (13-18) سنوات
تصل مستويات الحوار في مرحلة المراهقة إلى مستوى متقدّم، ويتوجّب عليك في هذه المرحلة مراعاة ما يأتي:
- درّب طفلك على مهارات المحادثة المتقدّمة:
اطرح موضوعات شائكة، واستمع لآراء طفلك وناقشه فيها. - علّمه التعاطف وتبني وجهات النظر:
أظهر لطفلك أنّك تتفهم وجهة نظره، وتتعاطف مع رأيه في المسألة التي يتحدّث عنها ومع مشاعره تجاهها. - دعه يشارك في التفاعلات الاجتماعية:
اجعل طفلك يُشارك في المحادثات على نطاق واسع بما يُناسب سنه، وأظهر له أنّ أسلوب الحوار يختلف باختلاف السياق الاجتماعي، فالأسلوب الذي يتم استخدامه في المنزل لا يجوز استخدامه في الجلسات الاجتماعية الرسمية مثلًا.
أهمية الحوار مع الأطفال
يعدّ الحوار من المهارات الحيوية المهمة للتواصل وتعزيز التفاعلات الاجتماعية، لهذا فإن تشجيع الأطفال على الانضمام إلى المحادثات وبدءها والمشاركة فيها يُساعدهم على التغلب على خوفهم وخجلهم وتطوير مهارات الاتصال الأساسية لديهم.
لكن هل تعلم لماذا عليك أن تكون سعيدًا عندما يناقش طفلك قراراتك؟ لأنّ طفلك في المراحل الأولى من عمره يُحاول وضع حجر الأساس للتفاعل الاجتماعي، لهذا فهو يحاول أن يُبادلك الأفكار، ويكتسب منك المعارف والخبرات، ويطوّر مخزونه اللغوي، ويُحسّن القواعد البناءة لديه. ومع تقدمه في السن وتحسّن مهاراته في الحوار، يبدأ بإجراء محادثات هادفة، ويتواصل مع الآخرين بشكل فعال، ويسهم في حل النزاعات بشكل فعال وإيجابي ويطور ثقته بنفسه من خلال النقاش.
لا تقتصر أهمية الحوار على المرحلة الأولية من عمر الطفل، فهو يُسهم في تعزيز نجاحه الأكاديمي والمهني على المدى الطويل، فالأطفال يكتسبون الثقة والأدوات اللازمة للتواصل بفعالية من خلال تنمية مهارات الحوار في الطفولة المبكرة وتعزيز التفاعلات الاجتماعية الإيجابية والنمو الشخصي.