تنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال - قوة جبارة يمكنك غرسها في طفلك
8 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
يعبّر الأطفال عن مشاعرهم بطرق مختلفة قد لا تكون متناسبة مع المواقف أحيانًا، وذلك بسبب عدم إدراك الطفل لأهمية فهم مشاعره وضرورة السيطرة عليها بما يتلاءم مع الموقف حتى في الأوقات الحرجة مثل الغضب والحزن، وهنا يبرز دور الأهل في تنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال وتطوير قدرته على إدارة مشاعره والتحكم بعواطفه والتعبير عنها بالشكل الصحيح، وذلك من خلال اتباع أساليب واعية مبنية على تفهّم مشاعر الطفل ومساعدته على حل مشكلاته.
الذكاء العاطفي عند الاطفال
الذكاء العاطفي بمعناه العامّ هو أن تكون فطنًا فيما يتعلق بالمشاعر، وهذا لا يتطلب منك أن تفهم مشاعرك الخاصة فحسب، بل يتطلب أيضًا فهمًا قويًا لمشاعر الآخرين والتصرف بطريقة إيجابية بناءً عليها، ويعتبر الذكاء العاطفي مهارة مهمة تساعد الإنسان على بناء علاقات قوية وتحقيق الأهداف والتواصل بفعالية مع الآخرين وتعزيز الثقة بالنفس، لهذا تبرز أهمية تعليمه للأطفال. يتكون الذكاء العاطفي من خمسة عناصر رئيسية:
- معرفة الذات: وتتمثل في أن يدرك الطفل مشاعره، ويفهم كيف تؤثر على الآخرين.
- التحكم: أن يتحكم الطفل في كيفية استجابته لمشاعره ويفكر قبل التصرف.
- الدافع: أن يظل الطفل متحمسًا لتحقيق أهدافه حتى عندما يشعر بالضيق أو التشويش أو الإحباط.
- التعاطف: أن يفهم مشاعر الآخرين ويضع نفسه مكانهم.
- المهارات الاجتماعية: أن يبني علاقات جيدة ويتفاعل مع الآخرين بطريقة إيجابية.
فوائد تنمية الذكاء العاطفي عند الاطفال
يؤدي الذكاء العاطفي دورًا مهمًا في حياة طفلك في مختلف المجالات، ومن فوائد الذكاء العاطفي ما يأتي:
- زيادة مستوى الذكاء:
يُعتبر الذكاء العاطفي المرتفع مؤشرًا على احتمالية ارتفاع مستوى الذكاء العقلي عنده أيضًا، وذلك لأن الأطفال ذوي الذكاء العاطفي المرتفع يظهرون عادةً نتائج أفضل في اختباراتهم وتحصيلًا أكاديميًا أعلى. - علاقات قوية:
يلعب الذكاء العاطفي دورًا بارزًا في بناء الطفل لعلاقات قوية وناجحة، حيث إنه يساعده على حل النزاعات بشكل أسهل وتكوين صداقات أعمق، بالإضافة إلى كونه يساهم في تحسين جودة علاقاته في المستقبل وتكوين أسرة مستقرة. - مهارات اجتماعية قوية:
حيث أشارت الدراسات إلى وجود علاقة بين الذكاء العاطفي في مرحلة الطفولة والنجاح المستقبلي، فالأطفال الذين يمتلكون مهارات عاطفية جيدة في سن مبكرة كالقدرة على التعاون واتباع التعليمات بشكل سلس غالبًا ما يحققون نجاحًا مهنيًا وعلميًا في المستقبل. - الصحة العقلية:
يساهم الذكاء العاطفي المرتفع في تحسين الصحة العقلية للأطفال، فهو يقلل من احتمالية إصابة الطفل بالاضطرابات النفسية.
تتطلب عملية تدريب الطفل على أن يكون ذكيًا عاطفيًا مراحل طويلة وصبراً كبيراً، ولا بد لتحقيق ذلك أن يبدأ الأهل مع أطفالهم من سن مبكر ويستمرون في غرس مفاهيم الذكاء العاطفي وتعزيز المهارات اللازمة له، حتى يتمكّنوا من بناء شخصية طفل ذكي عاطفيًا وفقًا للعلامات الدالّة على ذلك، وفيما يأتي خطوات متتابعة لتنمية مهارات الذكاء العاطفي عند الأطفال:
- فهم مشاعر الطفل:
ينبغي للأهل أن يتفهّموا مشاعر أطفالهم ويدركوا ما يشعروه حتى لو لم يتم التعبير عنها بشكل واضح، ولا يجوز للأهل أن يجبروا أطفالهم على الاعتراف بمشاعرهم، بل عليهم تعويدهم أن يفصحوا عنها بحرية وبرغبة منهم. - رحب بالاستماع إلى مشاعر طفلك:
لا تجعل مشاعر طفلك عبئًا عليك، لأنّ مشاعره طبيعية بل إنها فرصة للتواصل مع طفلك وفهم احتياجاته بشكل أفضل، كما ينبغي عليك أن تجعل طفلك يشعر بأنك مهتم بما يقوله، وذلك من خلال النظر إلى عينيه وتكرار ما يقوله للتأكيد على أنك تفهمه بشكل صحيح. - عدم نكران المشاعر السلبية:
لا تنكر مشاعر طفلك السلبية، وتحاول إقناعه بأنها غير موجودة، أو أن تدفعه مرغما لاستبدال المشاعر السلبية بأخرى إيجابية، أو أن تشعره بأن المشاعر سلبية مرفوضة ولا يحق له التعبير عنها، فهذا يجعلها مكبوتة داخله فتسبب له ضرراً أكبر. ادعم طفلك في التعبير عن مشاعره مهما كانت، ودعه يخرجها ويتحدث عنها ويواجهها لكي يتمكن من تجاوزها. - ساعد طفلك على فهم مشاعره:
استخدم كلمات بسيطة عندما تشرح لطفلك عن مدلولات المشاعر، ويمكنك أن تساعده من خلال ربط مشاعره بأحداث محددة. - تسهيل التعامل مع المشاعر:
ناقش طفلك بما يخص كيفية التعامل مع مشاعره بطرق صحية.
تطوير مهارات الذكاء الذاتي عند الأطفال
الذكاء الذاتي هو قدرة الفرد على فهم نفسه بما فيها من مشاعر وأفكار ودوافع وقيم وسلوكيات، وإن تشكيل الوعي الذاتي المتكامل عند الطفل من الأمور الضرورية لاستمرار نموه العاطفي والعقلي والاجتماعي. وفيما يأتي مجموعة من مبادئ مهمّة في تطوير مهارات الذكاء الذاتي عند الأطفال:
إدراك المشاعر والرغبات
تسهم عملية إدراك عواطف ورغبات الأطفال وتسميتها في تعزيز فهمهم لمشاعرهم وتطوير مهارات التعبير العاطفي لديهم. فعندما يغضب طفلك مثلاً بسبب الخسارة في مسابقة ما، يمكنك الاقتراب منه والتعبير بكلمات تساعده على تحديد مشاعره، كأن تقول:”تبدو محبطًا اليوم، أليس كذلك؟”. وفي حالة الحزن، يمكنك قول: “هل تشعر بالحزن لأنك لم تلعب اليوم؟”، أو أن تقول: “أنت ترغب بزيارة صديقك، هل هذا صحيح؟”، وذلك بهدف بناء ثقافة الحوار العاطفي، وتشجيع الطفل على التعبير الصحيح عن أفكاره ومشاعره.
ساعده على إنشاء قاموسه العاطفي
من المهم أن يتم تعزيز قاموس المفردات لدى الأطفال من خلال إدخال مصطلحات مثل “الغضب” و”الانزعاج” و”الحزن” و”الألم” في الحوارات اليومية. مع التنبيه على ضرورة ذكر المفردات الإيجابية أيضًا مثل “الفرح” و”الإثارة” و”الأمل”، لتشجيع الأطفال على التعبير عن مجموعة واسعة من مشاعرهم بشكل متوازن.
أظهر التعاطف تجاه طفلك
يجب على الأهل أن يظهروا التعاطف تجاه مشاعر الأطفال حتى في حالات الانزعاج، فلا يجوز أبدًا أن يسخروا منها أو يقللوا من شأنها، بل عليهم أن يقدّموا لهم الدعم والتعاطف الكامل حتى لو لم يكن سبب انزعاج الطفل مقنعًا.
علّم طفلك أن يتعلم من تجاربه
وذلك بما يتضمن توجيه الطفل لاكتساب مهارات محددة، مثل تقنيات التهدئة كالتنفس العميق وإدارة الضغط العاطفي. كما يمكن تشجيع الطفل على تطوير مجموعة من الأدوات الشخصية التي تساعده على تحسين مزاجه مثل التلوين وممارسة الأنشطة الحركية عند الغضب أو التوتر.
درّب طفلك على حل مشكلاته بنفسه
يجب أن يتعلّم الأطفال كيفية حل المشكلات بشكل منهجي، وذلك عن طريق توجيههم لتحديد خيارات مختلفة لحل المشكلات التي تواجههم، ومساعدتهم في اختيار الخيار الأفضل وتقييم النتائج والعواقب المحتملة، وتنفيذ القرار في ضوء ذلك.
حياة طفلك رحلة مليئة بالتحديات والمشاعر السلبية والإيجابية، لكنّها رحلة شيّقة خاصّة إن تم بناؤها بشكل صحيح ومنطقي، وإنّ تنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال من أهم المهارات التي يجب التركيز عليها في هذا الصدد.