هل أنا أمّ جيدة؟ تخلّصي من قلق الكمال واستمتعي برحلة الأمومة
8 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
بمجرّد أن تُصبح المرأة أمًا فإنّها تدخل في دوامة لا نهائية من الواجبات والأعباء، وإن لم تتعامل معها بشكل واعٍ ستتطوّر لتتحوّل إلى ضغوطات نفسية تؤثّر على الأم وعلى علاقتها بأطفالها وكلّ من حولها، والأسوأ أنها ستؤثر سلبا على الأطفال، وقد يتملّكها الشعور بأنّها أم سيئة غير قادرة على التحكّم في مسار حياتها اليومية أو تربية أطفالها ورعايتهم، وقد لا ذلك يكون صحيحًا في كثير من الأحيان، فالعديد من الأمّهات اللاتي يلجأن إلى متخصصين تربويين لحل مشكلاتهنّ يجدن أنّهنّ يُحمّلن أنفسهنّ ضغوطات أكثر مما ينبغي.
أهمية تقبّل الذات كأمّ
لا يُمكن إنكار العبء الكبير الذي تقوم به الأم، لكن يجب التأكيد أيضًا على ضرورة موازنة مسؤوليات الأمومة مع احتياجات الأم الشخصية وتجنّب المقارنة أو التأثر بالعوامل الخارجية أو تحميل النفس أعباء مُبالغ فيها للوصول إلى مرحلة الكمال، لذلك يبدأ علاج مشكلة القلق من الكمال وتأنيب الضمير، من أن تتمكّن الأم من تقبل ذاتها، لأن هذا التقبل سيؤدي إلى:
- التقليل من الشعور بالقلق والاكتئاب.
- الراحة النفسية والجسدية للأم.
- أداء الأم واجباتها بدافع الحب وليس بدافع الإحساس بالذنب.
- الاستمتاع بتجربة الأمومة بكل مراحلها.
- التحسين من مهارات التواصل بين الأم والطفل.
- علاقة صحية ومتوازنة مع الأطفال.
- تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم واحترامهم لذاتهم.
- الشعور بالأمان والاستقرار في البيئة الأسرية الدافئة.
- خلق بيئة إيجابية وداعمة.
تأثير جروح الطفولة على مرحلة الأمومة
في بعض من الأحيان، تنتج مُشكلات الأمومة، وخاصة مشكلة الإحساس بالذنب والتقصير، عن تجارب سابقة مرّت بها الأم خلال حياتها، وهذه التجارب السلبية تترك جروحاً في ما يسمى بالطفل الداخلي لكل الإنسان، ولذلك قد تكون الأم تعرّضت لهذا التجارب من قِبل الأهل في طفولتها، وقد تلازمها جروح الطفل طوال حياتها إن لم تتعافى منه.
فقد يُمارس الأهل سلوكيات خاطئة وضغوطات على أبنائهم ويتعاملون معهم بطريقة سلبية، وهذا من الممكن أن يؤثر في نفسياتهم، فينعكس ذلك على تعاملهم مع أطفالهم وتربيتهم لهم في المُستقبل. لكن هذه ليست النهاية، فالأم قادرة على التعافي من جروح الطفولة من خلال الاعتراف بها، وتقديم الحماية والإرشاد والرعاية الذاتية، ومحاولة تقبّل وحماية الذات من خلال الدعم النفسي، علما بأنه لدينا في منصة توتة بلس دليل شامل لتعافي الأهل.
تواجه مُعظم الأمّهات العديد من الضغوطات خاصةً في بداية مرحلة الأمومة، وهي كما يأتي:
- قلة الوقت الشخصي:
لا تجد مُعظم الأمهات الوقت الكافي للاهتمام بأنفسهنّ في خضمّ المعركة التي يخضنها مع الحياة، خاصّة إذا كانت الأم عاملة. - المخاوف المالية:
تسعى الأم جاهدةً إلى توفير الحياة الكريمة لأطفالها من خلال الموازنة بين الإنفاق والادّخار للمُستقبل. - السعي إلى الكمال:
تُرهق الكثير من الأمهات أنفسهنّ في محاولة إنجاز كل عمل بشكل مثالي ومُتقن. - المُقارنة الاجتماعية:
تقارن بعض الأمّهات أنفسهنّ بأمّهات أُخريات، فيتسبب ذلك في شعورهنّ بالنقص غالبًا. - الموازنة بين متطلبات الزوج ورعاية الأبناء:
قد لا يتفهّم بعض الأزواج المرحلة الجديدة التي أصبحوا يمرون بها، خاصّة بعد ولادة الطفل الأول، أو قد تُبالغ بعض الأمّهات في إبقاء كلّ شيء مثاليًا وإن كان ذلك على حساب صحتها الجسدية والنفسية. - نقص الدعم:
قد لا تتلقى الأم الدعم النفسي والمادي الكافيين من الزوج أو الأهل أو حتى من المُجتمع. - الاستنزاف الجسدي والعاطفي:
قد تشعر الأم بأنّها بحاجة إلى فعل كل شيء بنفسها وتلبية متطلبات الأطفال والمنزل كلها. - الواجبات الاجتماعية:
تعدّ الواجبات الاجتماعية عبئًا مُضافًا إلى أعباء الأمومة، ويدخل في ذلك الحاجة إلى رعاية شخص مسن في المنزل ووجوب زيارة الأقارب وغيرها من المناسبات. - الموازنة بين العمل والحياة:
هذه مُشكلة المرأة العاملة التي تشعر أنّها بحاجة ماسّة إلى العمل، لكنّها ترى أنّ ذلك يؤثر على علاقتها بأطفالها، مما يؤثّر على حالتها النفسية. - الظروف الطارئة:
قد يحدث ظرف طارئ يؤثر على الأم، مثل تحوّل المدارس إلى التعليم الإلكتروني الذي حدث في جائحة كورونا، فتضطرّ إلى تقديم رعاية مُضاعفة لأطفالها.
كيفية التعامل مع ضغوطات الأمومة
تحتاج الأم إلى الموازنة بين رعاية أطفالها والاعتناء بهم والقيام بأعباء الحياة الأُخرى، وهذا يتطلّب منها التنبّه إلى بعض الاستراتيجيات الضرورية التي يُمكن أن تُساعدها في السيطرة على بيتها وحياتها وتربيتها لأطفالها، وهي كما يأتي:
ثقي بنفسك فأنتِ لستِ أمًا سيّئة
توقّفي عن تبني الاعتقاد الذي يُلازمكِ بأنّكِ أم سيئة، وحاولي أن تُبعدي هذه الأفكار والوساوس قدر الإمكان، فأنت بحاجة إلى نفسك أكثر من أي شيء آخر. كوني لطيفة مع نفسك، وتوقّفي عن الشعور بالذنب، وتعاملي مع الأمور بإيجابية، وذكّري نفسك دائما بحجم المهام التي تقومين بها، وحجم التضحيات التي تقدمينها.
تقاسمي المسؤولية مع الزوج
الأم لا يجب أن تكون مُكلّفة بالقيام بكلّ أعباء المنزل والاعتناء بالأطفال وحدها، فهي بحاجة إلى زوج داعم يُقاسمها المسؤولية بما يتناسب مع وضع الأسرة والاتفاق بين الأب والأم، وهذا بدوره سيعزز البيئة الإيجابية في المنزل، ويخلق دفئًا عائليًا مُلهمًا.
اعتني بنفسك
لن تتمكّني من الاهتمام بأيّ شخص طالما كنتِ تحتاجين إلى الرعاية النفسية والجسدية، فأنت لست آلة تعمل من غير الشعور بالإعياء والتعب، لهذا عليك أن تُخصصي وقتًا للراحة والاهتمام بأمورك الشخصية.
عيشي ليومك
لا تدعي المخاوف من المُستقبل تؤثّر على حياتك، فقد لا يحدث شيء مما تفكّرين به، فقط ثقي بنفسكِ واعملي ليومك. نعم، عليك أن تفكّري بتطوير نفسكِ وتأمين مُستقبل آمن لكِ ولأطفالكِ، لكن على ألا تفعلي ذلك بطريقة مُبالغ فيها تصل إلى حدّ القلق.
تعلّمي قول “لا”
حددي مسؤولياتك والأنشطة التي يُمكنكِ القيام بها بناءً على أولويات الوضع الراهن، ولا تُجهدي نفسك أكثر من اللازم وتحمّليها أعباءً إضافية أنت بغنى عنها. تذكّري أن قول “لا” لمناسبة اجتماعية أو لأي عبء إضافي سيريحكِ إن كنتِ غير راغبة في أداء هذه الواجبات الإضافية.
حددي الأنشطة المُجهدة
حددي الأنشطة التي تُجهدكِ أكثر من غيرها وحاولي إيجاد طريقة للتعامل معها، فمثلًا إذا كنت تشعرين بأعباء كبيرة في الفترة الصباحية لأنّك بحاجة إلى تجهيز وجبة الفطور وتجهيز الأطفال للذهاب إلى المدرسة وغير ذلك، يمكنك أن تُعدي الفطور في الليلة السابقة أو أن تطلبي مُساعدة زوجكِ وأطفالكِ الأكبر سنًا.
تحدّثي لأمهات أُخريات
أظهرت الدراسات أنّ مُشاركة الأم لهمومها مع أمّ أخُرى تقاسمها نفس الشعور من شأنه أن يقلل العبء والضغط الذي تشعر به.
نصائح للتخلص من مشاعر القلق والتوتر عند الأم
إذا كنت تشعرين بالقلق الدائم من الأمومة يُمكنك الاستعانة بالأنشطة الآتية:
- خصصي وقتًا يوميًا للاسترخاء، ومارسي أنشطة التنفس العميق والتأمّل.
- تحدّثي إلى الأشخاص الذين تثقين بهم واطلبي منهم النصح والإرشاد.
- قومي بالأنشطة التي تُشعركِ بالمتعة.
- مارسي الرياضة بانتظام، فقد أثبتت الرياضة نجاعتها في تحسين الحالة النفسية.
- خذي قسطكِ الكافي من النوم يوميًا.
- ضعي لنفسك نظامًا غذائيًا صحيًا ومتوازنًا، واشربي كمية كافية من الماء والسوائل.
- ضعي حدودًا وقواعد لنفسك لا تتجاوزينها.
- قومي بإعداد مخطط أو جدول زمني لكل يوم حتى لا تشعري بالتشتت.
- خصصي وقتًا للاعتناء بنفسكِ أو الخروج في نزهة.
- ركّزي على الدعم النفسي والذاتي، وكرري: “أنا أم جيّدة”.
إنّ المهمة التي تقوم بها الأمّهات عظيمة جدًا، وهذا سبب شعور بعضهنّ بالقلق والتوتّر المستمر، لهذا فنحن بحاجة إلى أنشطة وممارسات فعلية تؤكّد على دعم الأمهات من قبل العائلة والمجتمع والزوج. ويجب على الأم نفسها أيضًا أن تواجه القلق والضغوطات اليومية من خلال تقديم الدعم الذاتي لنفسها.