نصائح وأساليب فعالة لبناء شخصية طفلك من خلال قراءة القصص
11 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
لقد أثبتت القصة جدارتها الفعلية كأحد أفضل الأساليب التربوية، فهي تولّد في نفس الطفل انفعالات وأفكار وتحدث لديه يقظة فكرية وعقلية، فيبدأ بالتفاعل مع القصة ويتخيّل نفسه واحدًا من أبطالها، فيُناقشك في أحداثها ويتوقّع النتائج، وحتى بعد أن ينتهي منها ستُلاحظ أنّه يتذكّرها ويرويها للآخرين. كما أنّ الطفل إذا أحبّ القصة واستمتع فيها ستولّد لديه دافعًا للاقتداء بأبطالها الذين أحبّهم، وبهذا الشكل يُصبح دمج القصة مع التوجيه أمرًا أساسيًا في التربية.
فوائد قراءة القصص للأطفال
على الرغم من المتعة الكبيرة التي يشعر بها الطفل عند قراءة القصص إلا أنّ هذه ليست الفائدة الوحيدة للقصة، فهي تبني مهارات الطفل وتُسهم في غرس القيم والمبادئ لديه بطريقة ممتعة، كما أنّها وسيلة فعالة في تصحيح أخطاء الأطفال وإرشادهم إلى الطريقة التي يجب عليهم التصرّف وفقًا لها في المواقف المختلفة. وفيما يأتي سنبيّن لكم أثر القصص على تنمية مهارات الطفل من جوانب مختلفة:
تطوير المهارات اللغوية
تُظهر الأبحاث والدراسات أنّ الأطفال الذين يستمعون للقصص منذ وقت مبكّر يمتلكون مهارات لغوية متقدّمة بالمقارنة بغيرهم، وهذا يُسهم في تطوير أدائهم الأكاديمي، ويجعلهم أكثر قدرةً على التواصل مع الآخرين. فالقصص تهب الطفل قاموسًا متكاملًا من المفردات، وتجعله أكثر فهمًا للتراكيب اللغوية المعقّدة؛ كالجمل الطويلة والكلمات الصعبة.
كما يُمكن للأهل أن يبدؤوا بتعليم طفلهم أيّ لغة مرغوبة في سنّ صغيرة، لأنّه يكون أكثر قدرةً على استيعاب وتعلّم المفردات الجديدة، وذلك من خلال التركيز على قراءة القصص باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو غيرها بالإضافة إلى اللغة العربية.
وفقًا لدراسة أجرتها الرابطة الوطنية لتعليم الأطفال الصغار، فإنّ القراءة توسّع مدارك الطفل وتدعم قدراته العقلية من خلال التشجيع على التفكير وبناء مهارات حلّ المشكلات؛ فعملية فهم القصة، وتحليل الأحداث، والاندماج مع الحبكة، وفهم مكنونات كلّ شخصية، وتوقّع الأحداث، ومن ثمّ استخراج الدرس المُستفاد تتطلّب من الطفل أن يطوّر مهارات التفكير النقدي. كما أنّ اطلاع الطفل على وجهات نظر وأفكار مُختلفة يجعله أكثر إبداعًا وإدراكًا للأحداث التي تدور من حوله.
التطوير العاطفي
أظهرت مجموعة من الدراسات التي أجريت على فئة محددة من المشاركين أنّ الأفراد الذين يقرؤون القصص يُمكنهم فهم أفكار الآخرين وتوقّع ردود أفعالهم بشكل أكبر بكثير من غيرهم، وهذا من شأنه أن يجعلهم أكثر ذكاءً عاطفيًا. كما أنّ قراءة القصص تساعد الأطفال على التعبير عن أنفسهم، وتفهّم مشاعر الآخرين، والتعاطف معهم، وبناء صورة متكاملة للتجربة الإنسانية العاطفية.
تعزيز الرابطة بين الأهل والطفل
يساعد الوقت المخصص لقراءة القصص على إيجاد مساحة خاصة بين الأهل والطفل، فقد أشارت الدراسات إلى أنّ قراءة القصص تولّد رابطًا قويًا بين القارئ والمستمع، وهذا يقرّب المسافة بين الأهل والطفل بشكل يجعل العلاقة بينهم أكثر إيجابيةً وتفهّمًا. كما أن مناقشة الأحداث مع الطفل تُساعد على تبادل الآراء ووجهات النظر وبناء علاقة متينة تجعل الطفل يُخبر أهله عمّا يجري معه في أحداثه اليومية لتزايد ثقته بهم.
التطوير التعليمي
الأطفال الذين يستمعون للقصص ويقرؤونها من عمر صغير تتطور لديهم مهارات الفهم والإدراك والتحليل، كما أنّ حبّ القراءة ينغرس في نفس الطفل ويرافقه طوال مراحله العمرية عادةً، وهذا يشجعه على اكتساب المزيد من المعارف وتحقيق تحصيل أفضل على المدى الطويل. وقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة كونيتيكت أنّ القراءة مع الطفل قبل النوم تعزز مهارات القراءة والكتابة لديه، وهذا يساعده من الناحية الأكاديمية مُستقبلًا.
أهمية القراءة في تنمية خيال الطفل
عندما يستمع الطفل إلى القصص أو يقرؤها بنفسه فإنّه يدخل إلى عوالم جديدة يبنيها في عقله ويعيش فيها، فيتفاعل مع الأشخاص، ويتخيّل ما الذي سيفعله لو كان في مكان البطل، وقد يتخيّل أنّه هو البطل، فيبدأ بنسج قصص جديدة في مخيلته، ويرويها للأهل والأصدقاء بشكل إبداعي مُلهم، وعادةً ما يستمر هذا الجانب الإبداعي للأطفال بالنمو مدى الحياة.
ولتنمية خيال الطفل بشكل أفضل عليك أن تركّز على استخدام الزمن ووصف المكان خلال السرد، ليتمكّن الطفل من بناء صورة كاملة في مخيلته، بالإضافة إلى تغيير النبرة بما يتوافق مع الشخصية، عندها ستُلاحظ أن طفلك ينجذب أكثر للقصة، وقد يقلّد صوتك وحركاتك.
نصائح لاختيار قصص مناسبة للأطفال
قراءة القصص للأطفال في مختلف المراحل العمرية مهمّة، لكن عليك أن تُحسن انتقاء القصة لتحقق الهدف المطلوب، وإليك مجموعة من النصائح التي ستُساعدك في ذلك:
- اختر قصصًا سهلة الفهم حتى يتمكّن الطفل من الاندماج معها.
- اربط القصة بالسلوك الجيّد الذي تُريد أن تعلّمه لطفلك.
- دع طفلك يُساعدك في اختيار القصة التي يُريدها.
- اختر كتابًا ملونًا يحتوي على الكثير من الصور التوضيحية، خاصة إذا كان طفلك صغيرًا جدًا.
- استشر اختصاصي أطفال ليُساعدك على اختيار القصص المُناسبة لعمر الطفل، مثل المعلّم.
- استعِن بالتطبيقات التي تربط القصة بالقيمة والدرس المُستفاد وفقًا لطبيعة الطفل واحتياجاته، مثل تطبيق توتة.
- ابحث عن القصص التي تحمل دروسًا مهمّة ولكن بشكل غير مباشر، فلا تدع القصة تبدو كالدرس.
- اقرأ قصصًا تُروى على ألسن الحيوانات والنباتات والجمادات ليتعرّف الطفل على عوالم متنوعة.
متى نروي القصص لأطفالنا؟
إليك أفضل الأوقات التي يُمكنك فيها أن تروي القصة لطفلك:
- عند حدوث موقف:
أفضل وقت لرواية القصص هو عند حدوث موقف معيّن يستوجب الإرشاد والتوجيه، لأنّ الطفل يكون عندها أكثر استعدادًا لاستقبال القصة وربطها بالواقع وتذكّرها فيما بعد. - قبل النوم:
وجدت الدراسات أنّ الإنسان يحتفظ بآخر شيء سمعه أو قرأه خلال النوم، وعندما تقرأ القصص لطفلك قبل النوم فإنّك ستغذي ذهنه بأحداث مفيدة، فيكررها ويرددها أثناء نومه. - عند الطلب:
عندما يطلب الطفل القصة، فهذا يعني أنّه مستعد بشكل كامل لسماعها والتأثّر بأحداثها.
نصائح مهمة عند قراءة القصة لطفلك
إليك مجموعة من النصائح المهمّة التي ستمكّنك من قضاء وقت ممتع وتنمية مهارات طفلك:
- اقرأ ببطء واجعل طفلك يركّز على الألوان والرسومات الموجودة في القصة.
- أشر إلى الرسومات الموجودة على الصفحة وتمعّن فيها، فمثلًا قُل: “هذا أرنب، وهو يأكل الجزر”.
- اقرأ بصوت عالٍ، وتنوع في استخدام النبرة لتعبّر عن حالات الحزن والسعادة وغيرها.
- حرّك الصفحات ببطء حتى يتعلّم الطفل طريقة استخدام الكتاب.
- حافظ على التواصل البصري مع طفلك، فهذا سيقوي الرابطة بينكما ويدعم فهمه للقصة.
- ناقش طفلك في الأحداث واطلب منه أن يتوقّع النتائج.
- لا تخرج عن موضوع القصة بحديث جانبي حتى لا يتشتت الطفل.
- أضف بعض الفُكاهة خلال القراءة لتجذب انتباه الطفل.
- وضّح النقاط المُبهمة أو صعبة الفهم.
- أدخل أساليب الحوار والاستفهام والتكرار بين الحين والآخر.
- توقّف لوقت قصير من الزمن عند الأحداث المهمّة لتشدّ انتباه الطفل، كما يُمكنك أن تقطع القراءة لُتبقي الطفل في حالة من الشوق والتفكير في تتمة القصة.
- ركّز على القيم والسلوكيات الجيّدة التي يقوم بها الأبطال، وبيّن أنّهم موهوبون في التغلّب على المصاعب وأن طفلك يستطيع أن يكون مثلهم، وهكذا.
بعد أن تحدّثنا عن تأثير القصص على سلوكيات الطفل من النواحي الفكرية والعاطفية واللغوية والتعليمية، لا بدّ من التأكيد على أهمية استخدام القصص كمنهج تربوي متكامل يُساعد الطفل على بناء مهارات إيجابية والتغلّب على المصاعب.