ما هي التربية الواعية؟ ولماذا يجب على كل أب وأم تطبيقها؟

1 مايو 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق

يكون الأهل عادةً متحمسين قبل ولادة أطفالهم، فيقرؤون عددًا كبيرًا من الكتب ويتابعون البرامج التوعوية التي تتحدّث عن أسس التربية السليمة للأطفال وأهميتها، وخاصة أسس التربية الواعية، لكن سرعان ما يشعرون بالضيق بسبب نمو أطفالهم وزيادة رغباتهم ومشكلاتهم ومتطلباتهم. ومع ذلك يجب على الوالدين الحفاظ على الهدوء والتمسك بالمناهج السليمة لتربية أطفال مستقلين قادرين على بناء مستقبل مشرق. فما هي التربية الواعية للأطفال؟ وما هي أسسها ومبادئها؟

ما هي التربية الواعية؟

تعدّ التربية الواعية أسلوباً علمياً حديثاً ينتهجه الأهل في تربية أطفالهم باتخاذ قرارات واعية ومدروسة وذكية عاطفيًا خلال تربية أطفالهم، أيّ أنّهم يتعلّمون كيفية إدارة سلوكياتهم وقراراتهم وأساليبهم وأفكارهم ومشاعرهم عند التعامل مع الأطفال. الخطوة الأهم في العملية التربوية الواعية هي السيطرة على النفس، لأنّ الأهل هم القدوة الأساسية للطفل، فهو يكرر أفعالهم تمامًا، لذلك يتوجّب عليهم أن يزرعوا في أنفسهم بذور الطاقة الإيجابية، وأن ينمّوا أسس الأخلاق السليمة في تعاملاتهم مع الآخرين، لتتشكل شخصية الطفل بناءً على ما يراه عمليًا أمامه.   والتربية الواعية ليست قرارات مؤقتة يتخذها الأهل فقط، وإنما أسلوب حياة متكامل وبيئة يزرعها الأهل في البيت تقوم على العقلانية، والتحكّم بردات الفعل، وعدم اللجوء إلى العقاب أو العنف الجسدي أو اللفظي أو التهديد أو اللوم، وعدم ممارسة الإجبار على الأطفال، والاعتماد على التواصل الهادئ، وتقديم الحب غير المشروط من الأهل للأطفال، وفهم مشاعرهم والتعاطف معهم وتفهّم احتياجاتهم، إضافة إلى فهم الأهل لأنفسهم والدوافع وراء سلوكياتهم وردود أفعالهم.

ما الفرق بين التربية الواعية والتقليدية؟

هناك فرق كبير بين طرق التربية التقليدية، والتي تحتوي على الكثير من الممارسات الخاطئة لكنها شائعة ومتوارثة، وبين التربية الواعية، وهي أسلوب تربوي مبني على علوم عدة مثل علم السلوك وعلم نفس الأطفال التطبيقي والبحوث والتجارب العلمية. إليكم أبرز الفروقات:
 
  • التربية الواعية تقوم على النقاش مع الطفل واحترام إرادته وكيانه، بينما التربية التقليدية تعتمد أكثر على إعطاء الأوامر والتوجيهات.

  • التربية الواعية تنبذ العقاب والتهديد واللوم والمساءلة وتعتمد على شرح العواقب للطفل وإقناعه بالصواب، في مقابل انتشار ممارسة العقاب والتعنيف في التربية التقليدية عموماً.

  • التربية الواعية تعتمد نهج تحفيز الطفل من الداخل بشكل معنوي وبدافع أخلاقي، بينما التربية التقليدية تلجأ إلى التحفيز المادي في أغلب الأحيان.

  • التربية الواعية تسعى لأن يأخذ الطفل قراراته، بينما في التربية التقليدية يفرض الأهل القرار عليه.

  • التربية الواعية تعالج سلوك الطفل السلبي دون ربطه بقيمته وتقديره، بينما في التربية التقليدية يتم ربط قيمة الطفل وتقديره بسلوكه.

  • التربية الواعية تركز على دعم السلوك الإيجابي مثل العمل على تعزيز الصدق لدى الطفل، بينما التربية التقليدية تركز على معالجة السلوك السلبي مثل منع الطفل من الكذب.

  • التربية الواعية ترى في الأخطاء فرصة ليتعلّم الطفل منذ الصغر بأضرار محدودة، لكن التربية التقليدية ترفض الأخطاء رفضاً قاطعاً ولا ترى سوى الجانب السلبي منها.

  • التربية الواعية تخلق رابطاً عاطفياً نوعياً بين الأهل والطفل نتيجة للثقة المتبادلة، بينما التربية التقليدية تخلق رابطاً مبنياً على السلطة العائلية والمجتمعية.

  • التربية الواعية تركز على نتائج تربوية طويلة الأمد، بينما التركيز في التربية التقليدية ينصب على الأثر الفوري

ما هي أهداف التربية الواعية؟

تربية طفل واثق من نفسه

أسلوب التربية الواعية مع الطفل يمنحه الثقة بنفسه، ويساعده على تكوين العلاقات والتواصل مع أفراد المجتمع بكفاءة عالية بلا خوف ولا توتر. كما أنّ الطفل الواثق من نفسه لا يتأثر بالتنمر ولا يتقرّب من أصدقاء السوء ولا يسعى لإثبات نفسه من خلال أفعال غير مقبولة أخلاقيًا أو مجتمعيًا.

تقوية العلاقات بين الأهل والطفل

تساعد التربية الواعية والإيجابية على تمتين العلاقات بين الطفل وأهله، وفي هذا الأمر منفعة كبيرة لكلا الطرفين، فكلّما قويت العلاقة بينهما زادت الثقة، وبالتالي شعر الطفل بالراحة للجلوس مع أهله، وإخبارهم عن كلّ ما يحدث معه خلال يومه، وبالتالي يمكنهم السيطرة على تصرفاته، وإبعاده عن خطر الوقوع بالأخطاء.

تطوير المهارات الاجتماعية لدى الطفل

يمكن للطفل من خلال تحسين مهارات التواصل الاجتماعي، وتمتين علاقاته مع الآخرين أن يصبح شخصًا ناجحًا في التعامل مع أفراد المجتمع، قادرًا على حل المشكلات ومواجهة التحديات التي تعترضه، وبالتالي ترتفع فرصه في النجاح الشخصي والمهني في حياته.

التمتع بمهارة الذكاء العاطفي

يتمثّل الذكاء العاطفي بالقدرة على إدارة المشاعر والتحكم بها، والطفل إن حصل على القدر الكافي من الحب والرعاية والاهتمام والاحترام سيتكوّن لديه مفهومًا واسعًا للعاطفة القائمة على الاحترام والتعاون، وبالتالي سيكون قادرًا على التعبير عن مشاعره بطريقة واضحة، وعلى تفهّم مشاعر الآخرين واحتياجاتهم وتقديرها.

تحسين الأداء الدراسي للطفل

تساعد التربية الواعية على زيادة قدرات الطفل الإدراكية، والمحافظة على نموه العقلي السليم، وبالتالي سيتمكن من فَهم المقررات الدراسية ونيل تحصيل علمي أفضل.

نصائح للأمهات في تربية الأطفال

تعتمد أساليب التربية الواعية والإيجابية على سلوك الطفل وشخصيته بالمجمل، لكن يمكننا تقديم مجموعة من النصائح العامة في هذا الصدد:  
 
  • خصصي وقتًا للعب مع أطفالكِ والقيام ببعض الأنشطة الممتعة دون مشتتات.

  • اقرأي القصص المفيدة لطفلكِ، واسمحي له بأن يسرد لكِ قصصًا نسجها من وحي خياله.

  • اطلبي من طفلكِ أن يساعد في الأعمال المنزلية وأن يرتب فراشه بنفسه، ليتعلّم الاستقلالية والاعتماد على النفس.

  • شجعي طفلكِ على ممارسة هوايات مفيدة وصحية مثل الرسم والكتابة والسباحة.

  • تحدّثي إلى طفلك وناقشيه واستمعي لما يقوله جيدًا.

  • استشيري طفلك في القرارات المصيرية، مثل قرار تغيير البيت أو المدرسة.

  • انتهجي أسلوب الصبر مع طفلك.

  • كافئي طفلك مكافآت معنوية عندما يتصرّف بطريقة صحيحة.

  • ضعي قواعد وحدود يلتزم بها الطفل في المنزل.

  • حاولي رؤية الأمور من منظور الطفل وتفهّمي وجهة نظره.
بعد أن أجبنا عن السؤال الوارد في بداية المقال: ما هي التربية الواعية وما هي أهميتها؟ وسردنا مجموعة من النصائح التربوية المهمة، عليكِ أن تعلمي أنّ الصبر والبيئة الآمنة يشكّلان معًا المفتاح الأساسي للتربية الواعية، فمن خلالهما يمكن لطفلكِ أن ينمو بشكل صحي ضمن أسرة سعيدة.