كيف يُضفي الترابط بين الأهل والأطفال شعورًا بالأمان والاستقرار على حياتهم؟
11 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
لقد أصبح الطفل اليوم أكثر حاجة للشعور بالثقة والراحة والارتباط بأهله، فقد أسهمت التكنولوجيا في تشكيل بوتقة مغلقة حول الطفل ينبغي للأهل أن يدخلوا إليها ويتفاعلوا مع الطفل في عالمه الخاص. وعمومًا، يجب على الأهل أن يُخصصوا مزيدًا من الوقت للأنشطة العائلية، مع مراعاة احتياجات الأطفال واهتمامهم من خلال اتّباع استراتيجيات مُختلفة تعتمد على المشورة والحوار بعيدًا عن فرض السلطة والسيطرة التي نراها في كثير من صور التربية النمطية.
أهمية قضاء وقت ممتع مع الأطفال
تُشير الدراسات الحديثة إلى أنّ قضاء وقت ممتع مع الطفل يُسهم بشكل كبير في تكوين شخصيته وتشكيل دماغه على المديين القريب والبعيد، وهو لا يعني مجرّد الجلوس إلى جانب الطفل مع بقاء الذهن منشغلًا في أمور أخرى، بل يتطلّب البقاء الكامل جسديًا وذهنيًا مع الطفل. يعتقد البعض أنّ هذا الأمر غير ممكن بسبب قضاء الأهل وقتًا كبيرًا في العمل، لكنّ الأمر حقيقةً منوطٌ بنوعية الوقت الذي تقضيه مع طفلك لا بكميته، فلو كُنت قادرًا على تفريغ أربع ساعات من وقتك مثلًا لتقضيها مع طفلك بشكل كامل فهي كافية، لكن أطفئ هاتفك المحمول وانسَ العمل وتحضّر ذهنيًا لتكون ملكًا لطفلك.
يستثمر بعض الأهل أوقاتهم في العمل لتحقيق مزيد من الرفاهية المادية لأطفالهم، لكن هذا غير كافٍ؛ فالأطفال يُظهرون مشاعر وسلوكيات إيجابية عندما يقضي الأهل وقتًا أطول معهم، وهذا يحسّن من رفاهيتهم بشكل أكبر من زيادة الإنفاق المادي عليهم. وإن كُنا نريد أن نتحدّث عن الأمر بصورته المثالية الصحيحة فإنّ الأب والأم مسؤولون على السواء عن التربية الواعية لأبنائهم، وإن كانت الأمّ تنال الحصّة الأكبر من المسؤولية وفقًا لما هو مُتعارف عليه غالبًا، لكن تشير الدراسات إلى أهمية تقسيم الأدوار بين الوالدين ومراعاة نوعية الوقت الذي يقضيه كلّ منهما في فَهم الطفل وتربيته بطريقة صحية وواعية.
طرق بناء الثقة بين الأهل والأبناء
وفقًا لأحدث الدراسات التي أُجريت على الخلايا العصبية لدماغ الأطفال فإنّ التعامل الواعي مع الطفل يُظهر تحسنًا في النموّ الدماغي له، بالإضافة إلى دوره في غرس المشاعر الإيجابية في نفس الطفل المُتعلّقة بالأُلفة والثقة، وإليك مجموعة من طرق بناء الثقة بين الأهل والأطفال وفقًا لمنظمة الأمم المتحّدة للطفولة:
يرتبط الأطفال بالأشخاص المؤثرين في حياتهم، فالشخص الذي يقدّم الرعاية الكاملة للطفل يؤدي دورًا حاسمًا في التأثير على شخصيته، لهذا ينبغي للأهل أن يحاولوا قدر الإمكان تولي هذه المهمة بأنفسهم، وذلك من خلال قضاء الوقت الكافي مع الطفل وإظهار المودة له، سواء كان ذلك من خلال اللعب أو القراءة أو التحدّث أو غير ذلك من التفاعلات والأنشطة اليومية.
توفير الأمان للطفل عندما يستكشف عالمه
عندما يبدأ طفلك باستكشاف عالمه كن القاعدة الآمنة التي تقدّم له الدعم والحماية، وشجّعه على الاستكشاف دون خوف أو قلق لأنّك ستكون دائمًا إلى جانبه. كما يُمكن للأنشطة العائلية كالخروج في نُزهة أن تُساعد الطفل في استكشاف بيئات جديدة والشعور بأنّ الأهل هم السند الدائم.
توفير مساحات آمنة وتقديم مواد للاستكشاف
توفير مساحات آمنة ومواد بسيطة ومُنخفضة التكلفة ليستكشفها الأطفال يساعدهم على تطوير مهاراتهم ويُثير فُضولهم للبحث والاستكشاف. كما أنّ تواجدك إلى جانب طفلك كمقدم رعاية سيوفّر له الدعم والبهجة، فيصبح أكثر حماسًا للتعلم من خلال التجربة.
الاستجابة لاحتياجات الأطفال
عليك أن تُراقب إشارات طفلك وتعبيراته، وعندما تشعر أنّه جائع أو مُتعب أو يحتاج إلى الحب والاهتمام قدّم له ما يحتاج بسرعة واهتمام، فمن خلال هذه التفاعلات تتعمق رابطة الحب والرعاية بين الطفل والأهل.
كيفية التعبير عن الحب للأطفال
ينبغي للأهل أن يركّزوا على إظهار المودة والثقة خلال التعامل مع أبنائهم، بالإضافة إلى العمل على حل المشاكل الأسرية بِحُبّ ووعي، لأنّ ذلك يُساعد في بناء علاقة متينة مع الأطفال. إليك خمس طرق فعّالة لخلق روابط قوية وتعزيز الحب بينك وبين أطفالك:
- الكلمات:
استخدم عبارات الإشادة والتقدير وحاول أن تكون محددًا، فقُل مثلًا: “أنت رائع لأنّك ساعدتني في غسل الصحون، أنا أحبّك”، وقم بمدحه أمام الآخرين لأنّ هذا سيزيد من ثقته بنفسه. - اللمس:
اللمسات الحنونة -كالتربيت أو الاحتضان- تعزز العلاقة بينك وبين طفلك، لكن عليك أن تختار الوقت والكيفية الملائمة لعمر الطفل وحالته النفسية، وألا تُترجم ذلك إلى العقوبة البدنية أو اللمس المؤذي، لأنّ ذلك سيؤثّر في نفسية طفلك بشكل كبير. - الوقت الكافي:
امنح طفلك الوقت الكافي، وقدّم له كل أنواع الرعاية والاهتمام، فيمكنك مثلًا أن تقوم باللعب معه أو تصنعا الكعكة التي يحبّها أو تُشاهدا الفيلم الكرتوني الذي يحبه معًا. - الاهتمام:
تحمل الرعاية والمُساعدة التي تقدّمها لطفلك رسالة عاطفية عميقة، مع أنّها قد تكون بسيطة جدًا مثل إعداد وجبة خاصّة له، أو تعليمه كيف يطهو بنفسه إذا كان كبيرًا. - الهدايا:
تعكس الهدايا مشاعر الحب والتقدير الصادقة، لكن عليك أن تقدّمها بشكل مدروس، فلا تجعل الهدية مقابلًا ماديًا لكل شيء ينجزه طفلك، لأنّ ذلك سيُفقده الشغف ويجعله يربط كل عمل يقوم به بالمقابل المادي، كما ينبغي أن تكون الهدية بسيطة وغير مُكلفة لكنّها تحمل معاني عميقة.
ألعاب تفاعلية لتعزيز التواصل بين الأبناء والآباء
إليك مجموعة من الألعاب التفاعلية التي تعزز الروابط بين الأهل والأطفال:
- النزهات العائلية:
يمكنك أن تخرج مع طفلك إلى الحديقة أو المتحف أو صالة السينما أو شاطئ البحر، أو أي مكان يحبّ طفلك الذهاب إليه، ومارسا معًا الأنشطة مثل اللعب بالرمل أو الماء. - اللعب الحنون:
شارك طفلك بألعاب تنتهي بالأحضان أو التقبيل، كأن تحفزه على المشي لتُعانقه في نهاية الطريق. - معركة الوسائد:
اجمع الوسائد الموجودة في المنزل وابدأ برميها بلطف أو الصعود فوقها مع طفلك. - التقليد:
دع طفلك يقلّد شخصًا أو حيوانًا معينًا وحاول أن تخمّن ما هو، وتناوبا في ذلك. - الركوب على الظهر:
امنح طفلك جولة في أرجاء المنزل وهو راكب على ظهرك لتعزز التقارب الجسدي بينكما. - الرسم على الوجوه:
قم برسم أشكال لطيفة على وجه طفلك مثل القطة، ودعه يقوم بنفس الأمر. - التنافس على أخذ الطفل:
هذه اللعبة يتشارك فيها الأب والأم، بحيث يحاول كل واحد منهما أن يأخذ الطفل ويقول: “هو لي” ويلحقه الآخر، على أن تكون هذه اللعبة مليئة بالضحك والمزاح وإظهار المحبة والمودة بين الجميع. - دائرة الأمان:
يجلس أفراد العائلة على شكل دائرة، ويقول كل شخص الأشياء التي يحبّها في الشخص المقابل.
كلّ المُشكلات والمصاعب يُمكن حلّها والتغلّب عليها عن طريق تعزيز الترابط والتواصل بين الأهل والأطفال، لهذا ينبغي للأهل أن يقدّموا لأطفالهم كل الدعم والرعاية والوقت النوعي الكافي لإمداد الطفل بما يكفي من المودة والحنان والأمان.