كيف تربي أطفالك على تحمل المسؤولية دون ضغوط .. ما هي مسؤوليات الطفل البكر؟
30 أكتوبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
هل سبق لك أن تساءلت كيف يُمكنك أن تجعل طفلك شخصًا مسؤولًا ومستقلًا؟ إنّ تربية الأطفال على الاستقلالية والمسؤولية ليست بالأمر السهل، لكنها تستحق الجهد المبذول. في هذا المقال، سنستكشف مجموعة من الاستراتيجيات والطرق العملية التي تساعدك على غرس قيم المسؤولية في نفوس أطفالك، بدءًا من سن الطفولة المبكرة وحتى المراهقة.
كيف أربي أبنائي على تحمل المسؤولية؟
تعليم الأطفال تحمل المسؤولية يتطلب مزيجاً من الصبر والتشجيع والتوقعات الواضحة، حيث يتوجب عليك أولاً أن تتعلم كيف تُدير توقعاتك بشكل واقعي، فمجرد إخبار الطفل بمهمة معينة، مثل تنظيف أسنانه أو إفراغ القمامة، لا يكفي لضمان تذكره لها في كل مرة، بل عليك أن تذكره بها بشكل متكرر وبأسلوب لطيف بعيد عن الأمر الحتمي والصراخ، حتى تصبح هذه المهام جزءًا من روتينه اليومي.
كما عليك أن تُدرك حقيقة أنّ الأطفال لا يتعلمون المسؤولية بين عشية وضحاها؛ فهم يحتاجون إلى الوقت والصبر لفهم كيفية أداء المهمات بشكل مستقل، فمعظم المهمات مملة بالنسبة للطفل أو تستغرق وقتاً طويلاً، الأمر الذي يجعله يسعى طبيعياً لتجنبها أو يرتكب الأخطاء أثناء أدائها، لهذا فإن التشجيع والتأكيد على أهمية المهمات التي يؤديها، مع فهم حقيقة أنها قد تكون غير ممتعة في بعض الأحيان، يمكن أن يساعد في تطوير شعوره بالمسؤولية بشكل تدريجي وفعّال.
أصعب مرحلة في تربية الأطفال
لا يُمكننا تصنيف مرحلة محددة باعتبارها أصعب مرحلة في تربية الأطفال، فالأمر يختلف باختلاف الأطفال والبيئات التربوية، لكن عمومًا هناك مراحل معيّنة يصفها العديد من الأهالي بأنها الأكثر تحدياً. وهي كما يأتي:
- مرحلة الطفولة المبكرة: يواجه الأهل تحديات كبيرة في هذه المرحلة تتعلق بالرعاية المستمرة، مثل مشاكل النوم، والتغير في النظام الغذائي، ونوبات الغضب، مما يتطلب الكثير من الجهد الجسدي والعاطفي من الأهل.
- مرحلة الطفولة المتوسطة: تكون عادة في بداية المرحلة الدراسية، وتتسم باكتساب الطفل الاستقلالية، الأمر الذي يتطلب توجيهًا صبورًا للتعامل مع النوبات العاطفية وتطوير المهارات الاجتماعية.
- مرحلة المراهقة: تُعتبر من أصعب المراحل بسبب التغيرات الجسدية والنفسية الكبيرة التي يمر بها الطفل، وهي تسبب له تقلبات مزاجية حادة في طريقه للبحث عن الهوية.
ما هي مسؤولية الطفل البكر
كثيرًا ما نسمع أنّ المولود البكر طفل محظوظ لأنّه يحظى بتجربة متكاملة ومتفردة من الرعاية والاهتمام من الأهل، كما أنّه يكون القاعدة الأساسية التي يلقي عليها الأهل نظرياتهم وتجاربهم التربوية، لكن خلف كل ذلك هناك العديد من المسؤوليات والمهام المُلقاة على عاتقه، منها ما يأتي:
- تحمل المسؤولية المبكرة: يُتوقع من الطفل البكر أن يكون مسؤولًا عن نفسه، وأحيانًا عن أشقائه، منذ سن مبكرة.
- التفوق والنجاح: يُتوقع من البكر أن يتفوق في الدراسة والنشاطات الأخرى حتى يكون قدوة يُحتذى بها لأشقائه.
- المساهمة في رعاية الأسرة: قد يُطلب من الطفل البكر المساهمة في رعاية الإخوة الأصغر سناً أو حتى العناية بالوالدين في ظروف معينة.
- تحمل ضغوط إضافية: يتعامل مع ضغوطات الأنشطة المنزلية بحكمة، لتحقيق الأهداف وتلبية توقعات الأسرة.
- دور قيادي: يُنظر إليه كقائد طبيعي لأشقائه الأصغر سنًا، ويتحمل دور “الأب الثاني” أحيانًا بين الإخوة.
- حماية ورعاية الآخرين: يتم التعامل معه باعتباره المسؤول عن تلبية احتياجات أفراد الأسرة الأضعف منه بسبب السن أو المرض وحمايتهم.
- تحمل الضغوطات بإيجابية: يمكن للطفل أن يشعر بالاستياء من الأعباء الملقاة عليه، وخاصة إذا كانت التوقعات مرتفعة جداً، لكن يُتوقع منه أن يتعامل مع الأمور بإيجابية.
- إدارة التوقعات: يوازن بين طموحاته الشخصية ومتطلبات الأسرة، لكن هذا قد يؤدي إلى توتر وصراع داخلي، لذلك يتوجب على الأهل مراعاة قدرات الطفل المحدودة وعدم المبالغة في التوقعات.
مهام للأطفال حسب العمر
تشير الأبحاث إلى أن إدماج الأطفال في مسؤوليات تتناسب مع أعمارهم يمكن أن يعزز من تطورهم الاجتماعي والعاطفي، ويُساعد على اكتساب مهارات حياتية مختلفة تبني شخصية الطفل المستقلة والمتوازنة. سنعرض فيما يأتي مجموعة متنوعة من المهمات التي يمكنك أن توكل طفلك بها حسب عمره وقدراته العقلية والنفسية في المرحلة الحالية:
الطفل حديث الولادة حتى عمر سنتين
- تناول طعامه بنفسه باستخدام الملعقة أو الشوكة.
- إعادة الألعاب إلى أماكنها.
- ممارسة التفاعلات الاجتماعية البسيطة مع أفراد العائلة.
- التعلم عن طريق اللعب.
الطفل في عمر (3-5) سنوات
- إدراك الملكية الشخصية والتحكم في أغراضه ووضعها في أماكنها.
- ترتيب الغرفة بعد الانتهاء من اللعب.
- المشاركة في الأنشطة المنزلية البسيطة مثل إعداد مائدة الطعام وحمل الأواني البلاستيكية الصغيرة.
- اتباع التعليمات الواضحة والبسيطة مثل وضع القمامة في السلة.
الطفل في عمر (6-8) سنوات
- الدراسة اليومية وكتابة الواجبات المدرسية تحت إشراف الأهل.
- القيام بالمهمات المنزلية البسيطة، مثل المساعدة في صنع وجبة العشاء.
- تنظيم الممتلكات الشخصية مثل ركن الألعاب وغرفة النوم.
- البدء بتكوين الصداقات وإدارة العلاقات الاجتماعية.
الطفل في عمر (9-12) سنة
- إدارة المسؤوليات الدراسية بالكامل، من الدراسة وحل الواجبات إلى إعداد الحقيبة المدرسية مسبقًا.
- مساعدة الأهل في مهماتهم مثل التسوق والعناية بالنباتات.
- مهمات منزلية أكبر مثل جلي الصحون وكنس الغرفة.
- تعلم المهارات التنظيمية من خلال التخطيط للروتين اليومي وتوزيع الوقت بين الدراسة والأنشطة والمهمات المنزلية.
الطفل في عمر (12-15) سنة
- الاستقلالية في الاهتمام بأمورهم الشخصية، مثل العناية بنظافتهم الشخصية وتنظيم ملابسهم وممتلكاتهم والاهتمام بغرفهم.
- إعداد المشروعات المدرسية والأبحاث الأكاديمية بأنفسهم دون الاستعانة بالأهل.
- إدارة الميزانية الشخصية، بحيث يتم تخصيص مصروف شهري أو أسبوعي يلتزم به الطفل، فلا يطلب زيادة عليه، بل يقسمه على الأيام ويدخر منه إن أمكن ذلك.
- البدء في تعلم الطهي وإعداد وجبات الطعام الخفيفة بأنفسهم مثل العشاء والفطور.
- إدارة علاقاتهم الاجتماعية المعقدة والتحديات التي قد يمرون بها بأنفسهم.
كيف أصنع من ابني رجلًا
عمومًا لا ينبغي للأهل المبالغة في إعداد الأطفال لتحمل المسؤوليات الكبيرة من عمر مبكر، لأنّ ذلك سيولد ضغطًا إضافيًا قد يتسبب بإحباطهم وشعورهم بالعجز، لكن يُمكنك أن تُهيئ طفلك ليصبح رجلًا ناضجًا وقويًا في المستقبل من خلال بناء القدوة الإيجابية له في جميع سلوكياتك وتعاملاتك، لأنّ الطفل أكثر ما يتعلمه يكون من خلال الملاحظة، خاصة من قبل الأشخاص المهمين في حياته.
كما عليك أن تُعلمه تحمل المسؤولية عبر منحه مهمات منزلية وإعطائه الحرية ليتحمل نتائج أفعاله، بالإضافة إلى تشجيعه على الاستقلالية باتخاذ قرارات صغيرة وتعلم مهارات حياتية، ودعمه في متابعة اهتماماته، وتعليمه القيم والأخلاق الحميدة، وتعزيز مهارات التواصل وحل المشكلات لديه، ومساعدته على التعلم من خلال التجارب الحياتية باعتبارها فرصًا للنمو.
من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات وتشجيع طفلك على تحمل المسؤولية، ستساعده على بناء أساس قوي لمستقبل مشرق، واحرص دائمًا على أن تكون السند الداعم والموجه لطفلك، وألّا تقف بموقف المنتقد أو المتصيِّد لأخطائه.