أثر الألعاب أكبر قوة حب الأب: كيف تبني علاقة قوية مع طفلك؟
23 أكتوبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
عندما نتحدث عن الأب الصالح بالمفهوم العام فإنّ من الصعب أن نجد له تعريفًا قياسيًا محددًا، فمهما كانت ظروف الأب أو طريقته في التربية، طالما أنّه يضع تربية أطفاله ضمن أولوياته ويحاول خلق التوازن الأسري فهو يسلك الطريق الصحيح. وحتى تتعرف إلى تأثير حب الأب على أطفاله، والدور الفاعل الذي يؤديه في تنمية شخصياتهم اقرأ سطور هذا المقال حتى النهاية.
تأثير حب الأب لأبنائه
لا يمكن لأي شخص أن يملأ الفراغ الذي يتعيّن على الأب ملؤه في حياة الطفل، فالأب دعامة الأسرة، والجدار الصلب الذي يستند إليه أطفاله كلما مالوا أو احتاجوا إلى الدعم والتوجيه والحنان، فإما أن يؤدي دوره بشكل سليم فيوجه أطفاله إلى الخير والنجاح، أو يقصر فيه فيعرضهم للفشل والانحراف. إليك أهم الجوانب التي يسهم الأب في توفيرها لطفله:
الأمان العاطفي
يُسهم الأب بشكل فاعل في تطوير النمو العاطفي للأطفال، حيث أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين لديهم آباء متفاعلون ومتفهمون يُظهرون مستويات أفضل من الذكاء العاطفي وضبط النفس، فالطفل يحتاج إلى تنمية ارتباط آمن مع أهله، وهذا يكون من خلال التفاعلات الحنونة والدعم العاطفي وتوفير الحب والاستقرار في حياته.
ومن الجدير بالذكر أنّ هُناك سلوكًا شائعًا عند كثير من الآباء، وهو ترك الطفل حديث الولادة عندما يبكي دون الاقتراب منه أو حمله أو محاولة تهدئته حتى لا يعتاد على ذلك، لكن الطفل في الحقيقة لا يبكي دون سبب، فإما أن يكون جائعًا أو متعبًا أو يحتاج بالفعل إلى الرعاية والاهتمام، لهذا فإن عليك أن تُشعره بأنك إلى جانبه وتفهم سبب انزعاجه وستُساعده حتى يكوّن ارتباطًا آمنًا معك.
الآباء الذين يتواصلون مع أطفالهم يوميًا يغذون حصيلتهم اللغوية، ويجعلونهم أقدر على استخدام المفردات الصحيحة في الأوقات الصحيحة للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، وهذا بدوره يُسهم في تعزيز الثقة بالنفس لديهم.
تطوير الثقة بالنفس
أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين لديهم آباء داعمون يُظهرون مستوى أعلى من الثقة بالنفس واحترام الذات، فالطفل الذي يجد الدعم والتشجيع والاحترام والحب المطلق من أبيه حتى في أصعب الظروف سيكون أكثر مرونة في التعامل مع المواقف المختلفة وتجاوز المحن، مما يقوي شخصيته ويزيد ثقته بنفسه.
التنمية المعرفية
هل تعلم أنّ الأنشطة البسيطة التي تُمارسها مع طفلك يوميًا تعزز قدرته على التفكير النقدي وحل المشكلات؟ عندما تقرأ القصص لطفلك أو تشاركه اللعب أو تناقش معه موضوعًا معينًا فإنك تثير فضوله المعرفي وتحفزه للبحث والتفكير، وهذا يساعده على تكوين مهارات معرفية تحفز الإبداع والأداء الأكاديمي في المستقبل.
تعزيز القيم والأخلاق
قلنا مرارًا إنّ الطفل مرآة أبيه، فما يُظهره الأب من تصرفات أخلاقية نزيهة يقلده الطفل، لهذا فإن أفضل طريقة لتعليم الطفل القيم والأخلاق هي توليد القدوة الحسنة لأن الطفل يتعلم بالملاحظة. وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يرون آباءهم يُظهرون سلوكيات سلبية مثل الغضب والعنف يميلون إلى تكرار هذه السلوكيات في حياتهم المستقبلية.
تعزيز المهارات الاجتماعية
وفقًا للدراسات الحديثة، الأطفال الذين يشعرون بالارتباط الآمن مع آبائهم لديهم قدرة أكبر على التعاطف مع الآخرين وفهم وجهات نظرهم وتقبلها، كما أنّهم أكثر قدرة على التفاعل مع أقرانهم وإحداث تغيير إيجابي في المجتمع، الأمر الذي يُساعدهم على النجاح في حياتهم المستقبلية.
التحصيل الأكاديمي
الأطفال الذين لديهم آباء متعاطفون ومتفاعلون يُظهرون نجاحًا أكاديميًا أعلى، وتكون لديهم طموحات علمية وعملية أعلى في المستقبل، فتقديم الدعم وتقدير الإنجازات وإيجاد بيئة آمنة ومستقرة وملهمة من أهم العوامل التي تُحفز الطفل على الدراسة.
الهوية الجنسية
على الأب أن يساعد أطفاله في تبني الهوية الجنسية السليمة من عمر صغير حتى يجنبهم مشكلات متعددة في المستقبل، وذلك من خلال توعيتهم بالاختلافات الطبيعية بين الذكر والأنثى من الناحية الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية، حيث ينبغي للأب أن يغرس القيم الصحيحة التي تدعم الهوية الذكورية في طفله، فيعلمه مهارات القيادة والمسؤولية والقوة، ويُخبره بأنّها لا تتعارض مع مشاعر الرحمة والتعاطف.
ومن الجدير بالذكر أنّ دور الأب في حياة ابنته لا يقل أهمية؛ فمن خلال احترامها وتقدير دورها في المنزل والمجتمع، ومعاملة أمها بطريقة ودية مسؤولة، وتشجيعها على تنمية مهاراتها الأنثوية دون فرض قيود صارمة ستصبح قادرة على تكوين شخصية المرأة المثقفة والمؤثرة في المستقبل.
دور الأب في حياة الأطفال
يبدأ دور الأب في حياة الطفل منذ المراحل الأولى من الحمل، وذلك من خلال ما يأتي:
- حضور مراجعات الطبيب:
يُساعد تتبع مراحل نمو الطفل على بناء الارتباط العاطفي مع الطفل من مرحلة مبكرة. - التحدث إلى الطفل:
تُظهر الدراسات أن الأطفال يبدؤون بتمييز الأصوات خلال الثلث الثالث من الحمل، فهم يستمعون لما تخبرهم به، وهذا يجعل صوتك مألوفًا لهم بعد الولادة. - دعم العادات الصحية:
تجنب التدخين وساعد الأم على اتباع نظام صحي متوازن خلال الحمل وبعد الولادة. - حضور مرحلة الولادة:
يقول كثير من الآباء أن رؤيتهم لأطفالهم عند ولادتهم غيرت حياتهم تمامًا وطورت ارتباطهم بأطفالهم بشكل لحظي. - تقاسم المسؤولية مع الأم:
إن مشاركتك في تغذية الطفل وتنظيفه وحمله منذ المراحل الأولى يقوي الرابطة بينكما. - إظهار المودة:
الطفل يشعر بك عندما تتحدث إليه وتلمسه وتحضنه وتقبله وتخبره بأنك تحبه، وهذا أمر ضروري في تطوره العاطفي. - الانتباه إلى إشارات طفلك:
يحاول الطفل من خلال البكاء والصراخ أن يقدم لك إشارات على أنه جائع أو نعسان أو متعب، وكلما جلست مع طفلك أكثر ستزداد قدرتك على فهم إشاراته. - اللعب:
بمجرد أن يبدأ طفلك بالحركة وإدراك ما حوله سيبدأ باللعب، وإن مشاركتك ودعمك له في هذه المرحلة سيقوي خياله الخصب وقدرته على التفكير. - التواصل:
تحدث إلى طفلك باستمرار واستمع له، واسمح له بالتعبير عن مشاعره حتى لو كانت مجرد إيماءات أو أحرف متقطعة. - الدعم الذاتي:
إن التوازن الذي تصنعه في حياتك يُساعدك على أن تكون أبًا أفضل، وأقدر على فهم طفلك وتلبية احتياجاته. - القدوة الحسنة:
طفلك يتعلم منك بالملاحظة والتقليد، لهذا فإن إظهارك للقيم الحسنة كالمسؤولية والنزاهة وقوة الشخصية والتنافس الإيجابي والتعاطف سيسهم في بناء رصيد طفلك الأخلاقي والمهاراتي.
تعلق الطفل الزائد بالأب
يعتبر تعلق الطفل بالأب أمرًا طبيعيًا ومهمًا لنموه وتطوره، لكن إذا زاد التعلق عن الحد الطبيعي فقد يُنَبِّئ عن حاجة الطفل إلى الأمان الذي لا يجده إلا مع الأب، أو تعرضه لتجارب سلبية في المنزل أو المدرسة جعلته يشعر أن الأب هو مصدر الأمان الوحيد بالنسبة إليه، أو كان الأب لا يتواجد مع طفله بشكل دائم، فأصبح الطفل يرتبط به بشكل مفرط خلال فترة وجوده.
حتى تعالج هذه المشكلة بطريقة سليمة لا تؤثر على تطور طفلك ونموه عليك أن تدعم شخصيته، وتقوي شعوره بالاستقلالية، وتغرس فيه شعورًا بالطمأنينة حتى عندما لا تكون معه. فضلًا عن ذلك، يمكنك خلق التوازن في حياة طفلك من خلال تنظيم وقت الانفصال بشكل تدريجي، وتقوية علاقة الطفل مع أفراد أسرته وأصدقائه.
في هذا المقال، تحدثنا عن تأثير حب الأب على حياة أطفاله، وأهم الممارسات التي تدعم دور الأب في تنشئة طفله وتنمية مهاراته المعرفية والنفسية والاجتماعية، وتطرقنا للحديث عن التعلق الزائد بالأب وكيفية التعامل معه.