أول أساس للتربية السليمة: معرفة متطلبات الطفل في كل مرحلة عمرية
22 مايو 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
الأساس الأول للتربية السليمة هو فهم الوالدين لأهم خصائص كل مرحلة عمرية من مراحل أطفالهم على مختلف الأصعدة، وإدراكهم لجميع احتياجاتهم النفسية والعاطفية والجسدية. وسواء كنت أمًا أو أبًا أو معلمًا مربيًا فإنّ هذا المقال سيمنحك المعلومات اللازمة لمعرفة مراحل نمو الطفل واحتياجاته في كل مرحلة.
الأبعاد الأربعة لنمو الطفل
يعبر الطفل خلال نموه بتغيرات جوهرية في أربعة أبعاد؛ جسدية، وعقلية، وعاطفية، واجتماعية، وهذه الأبعاد مجتمعة تشكّل منظومة متكاملة تتفاعل فيما بينها لتقود عملية نمو الطفل. فعلى سبيل المثال لشرح هذا التفاعل؛ عندما ينمو عقل الطفل يزداد لديه حس الفضول والرغبة في استكشاف ما حوله، وهذا سيولّد عنده رغبة في التواصل والاندماج في المجتمع، وبالتالي سيبدأ بتشكيل الأفكار والعواطف تجاه الأفراد والأشياء من حوله.
خصائص النمو الجسدي للطفل
تبدأ رحلة النمو الجسدي للطفل في رحم الأم، حيث يبدأ الجنين بالتكوّن من خلية واحدة، ويتطور تدريجيًا خلال الحمل بتكوين الأعضاء، استعدادًا للخروج إلى الحياة. وخلال الأشهر الأولى من عمر الطفل تستمر الأطراف والأعضاء والعضلات في النمو، ثمّ يصل دماغ الطفل إلى 80% من حجمه في سن الثالثة، لهذا يحتاج الطفل عناية جسدية خاصة خلال هذه المرحلة.
يُولد الأطفال مع ردود أفعال غريزية تُساعدهم على البقاء؛ مثل المص للتغذية والتفاعل مع الأصوات، ومع تلقي الطفل للرعاية المناسبة تتطور عضلاته، فيتعلّم المهارات الأساسية كالجلوس وتحريك الأطراف وإمساك الأشياء. وقد وجدت الدراسات أن أهم
العوامل التي تؤثر على النمو الجسدي للطفل هي: التغذية السليمة، والنوم الكافي، والنشاط البدني، وتلقي الرعاية الطبية اللازمة كالتطعيمات والفحوص الدورية.
تشهد السنوات الأولى من حياة الطفل تطورًا مذهلًا في مهاراته المعرفية، إذ يُظهر الأطفال حديثو الولادة اهتمامًا فطريًا بما حولهم عبر النظر والاستجابة للأصوات والإيماءات المختلفة. ونجد أنّ الأطفال عادةً ما يمتلكون شغفًا غريزيًا للتعلم، الأمر الذي يجعل دور الآباء جوهري في هذه المرحلة، لأنّ التحفيز الشامل على التعلّم منذ سن مبكرة يُعزّز نمو الدماغ بشكل إيجابي، وقمع الطفل أو إظهار الانزعاج من تصرفاته اللاوعية للتعلّم تؤدي إلى الحد من عملية نمو الدماغ..
ومن الاحتياجات التي يجب الحرص على توفيرها خلال هذه المرحلة ما يأتي:
- بيئة غنية بالمحفزات كالألعاب والأنشطة التفاعلية.
- التفاعل مع الطفل من خلال التحدث معه، والاستماع لما يقوله، ومشاركته باللعب.
- تشجيعه على طرح الأسئلة وإيجاد إجابات لها.
- مساعدته على التعلّم عن طريق اصطحابه إلى المكتبات، أو الأماكن الأثرية أو عروض الدمى.
- عدم إبداء الانزعاج أو التذمر من أسئلته أو من تصرفاته لكسب المعرفة والإدراك.
- المديح والثناء على الطفل بشكل متوازن وغير مبالغ به.
خصائص النمو العاطفي عند الطفل
يولد الطفل مزودًا بفطرة يستطيع من خلالها إظهار مشاعره الأساسية التي تعتبر لغة تواصل أولية له مع محيطه، ومع نموه تتطور قدرته على التعبير عن مشاعره وفهم مشاعر الآخرين. ويُعدّ ارتباط الطفل بوالديه حجر الأساس لبناء مشاعره؛ وذلك لأنّ
الارتباط الآمن يُعزز ثقة الطفل بنفسه، ويُشجعه على استكشاف ما حوله وتكوين علاقات إيجابية، في حين يُشكل الارتباط غير الآمن بيئة خصبة لنمط حياة غير صحي يُعيق تطور الطفل من النواحي الاجتماعية والعاطفية.
خصائص النمو الاجتماعي عند الطفل
يمثّل النمو الاجتماعي بوابه الطفل إلى العالم؛ تبدأ رحلة الطفل للتفاعل مع من حوله منذ اللحظات الأولى من حياته، فهو يُولد برغبة فطرية للتواصل مع محيطه، ويبدأ باستخدام أصواته للتعبير عن احتياجاته ورغباته، ثم يتطور هذا التواصل ليصبح لغة يعبر من خلالها عن أفكاره ومشاعره.
وخلال هذه المرحلة يؤدي الوالدين دورًا جوهريًا في تلبية احتياجات الطفل؛ إذ يشكل التفاعل الإيجابي والاحتواء العاطفي أساسًا متينًا لنمو مهارات التواصل لدى الطفل، ومع تقدمه في العمر يبدأ باللعب مع الآخرين فيتعلم مهارات التعاون ويكتسب القيم والمبادئ الاجتماعية، وقد أظهرت الدراسات أن أكثر شيء يقلّده الأطفال في هذه المرحلة هو تصرفات الوالدين مع الآخرين ويعكسها على علاقاته وتفاعلاته مع محيطه، ولذا يجب أن ينتبه الأهل كثيراً لتصرفاتهم أمام أطفالهم، خاصة في هذه المرحلة العمرية، فعليهم تجنب الشجارات أو التعنيف أو الصراخ أو أي مظاهر سلبية في تعاملاتهم مع بعضهم أو مع الآخرين.
جدول مراحل نمو الطفل خلال السنة الأولى
يتطور الطفل بشكل هائل من شهر إلى آخر، ويظهر ذلك من خلال احتياجات الطفل النفسية والعاطفية وطريقة تفاعله مع الأشياء من حوله، والجدول الآتي يبيّن مراحل تطور الطفل تدريجيًا: