الخلافات بين الإخوة ليست سلبية بالضرورة، إذا تعلّم الأهل كيفية إدارتها

1 مايو 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق

لا تعد الخلافات بين الإخوة ظاهرة مُقلقة بالضرورة، فمعظم الأخوة الذين يعيشون في بيت واحد تحت ظلال أسرة واحدة تحدث بينهم منافسة قد تفضي إلى نزاعات بسيطة أو غَيرة في كثير من الأحيان، حتى وإن كان الانسجام والتفاهم يخيّم على علاقاتهم عادةً، فهذا أمر طبيعي!
لكن من ناحية أخرى، عليك أن تكون مراقبًا جيدًا لتطور المشاحنة بين الأخوة حتى لا يفوتك الأوان! الحقيقة هي أنّ مثل هذه المشاحنات تظهر عادةً في فترة الطفولة، لكن لا يمكن القول إنّها تتوقف عندها، بل على العكس قد تزداد حدتها في مرحلة المراهقة، ثمّ تؤدي إلى نزاعات أو قطيعة مستقبلية إن لم يقم الوالدين بإدارة المشكلات بين الإخوة بحكمة ضمن إطار الأسرة المترابطة.

أسباب الخلافات بين الإخوة

يعدّ التعرّف إلى أسباب الخصام بين الإخوة الخطوة الأولى في حلّها، ولا بد في هذا الصدد من التنويه إلى أن المحرك الأساسي لأيّ مشكلة قد يكون مختلفًا عن غيره في سياقات أخرى، وهذا أمر مهمّ يتوجب على الوالدين التنبه له.
وممّا يجدر ذكره أيضًا أنّ أسباب الصراع بين الإخوة تختلف باختلاف المراحل العمرية، فلا شكّ أن خلافات الإخوة في مرحلة الطفولة تختلف جذريًا عنها في مرحلة المراهقة أو في المراحل العمرية الأكثر تقدمًا، وذلك تبعًا لتطور اهتماماتهم وأنماط معيشتهم.

الاحتياجات المتغيرة

لعلك تلاحظ مدى تعلّق طفلك بألعابه وممتلكاته، واستيائه بمجرد أن يقدم أخوه الأصغر سنًا على أخذ أيّ شيء منها، فهي بالنسبة إليه رمز لاستقلاليته. كما أنّك قد تلاحظ شعوره بالظلم والاعتراض على تسامحك مع أخيه الأصغر، ففي مرحلته العمرية ينمو لديه إحساس قوي بالعدالة، خاصةً إن لم يجد مبررًا مقنعًا لهذا التمييز.
وعند بلوغ الطفل مرحلة المراهقة يزداد لديه الإحساس بالتفرد والاستقلال، فتجد أنّه يستاء إن طلبت منه العناية بإخوته الصغار أو معاملتهم بشكل خاص أو حتى البقاء معهم لمدة من الزمن، كما أنه قد يشعر بالإنزعاج إن أوكلت إليه أمر العناية بالمنزل وتنظيفه.

الطباع الفردية

لكل طفل بصمته الفريدة وشخصيته المستقلة التي يتميّز بها عن غيره، ففي الوقت الذي قد يكون فيه أحد أطفالك هادئ وسلس وسهل المراس، قد تجد صعوبة في التعامل مع الآخر، لكونه سريع الغضب أو حساس بشكل مفرط أو يحتاج إلى الاهتمام الدائم. وعلى سبيل المثال، قد ينزعج الطفل الذي يحب التفرد في الاهتمام إن أحس أن اخوته يحظَون بالقدر نفسه من العناية.

القدوة

يُقال إنّ الأطفال هم المرآة التي تعكس تصرفات الوالدين! لهذا عليك النظر إلى علاقتك مع شريك حياتك، وكيفية إدارتك للمشكلات التي تعترضكما، فإن كانت العلاقة بينكما متينة مبنية على التفاهم وحل النزاعات بطريقة إيجابية تأكد أن طفلك سيقلدك، وسوف يعالج مشكلاته بالطريقة نفسها، أما إن كنت تواجه المشكلات بالصراخ والجدال المستمر فلا بد أن هذا سيؤثر على علاقة أطفالك مع بعضهم البعض بشكل كبير.

الفرق في العمر بين الأشقاء

تزيد عادةً الخلافات بين الإخوة المتقاربين عمرًا، فإلى جانب أنّ اهتماماتهم متشابهة إلى حدّ كبير، فهم أيضًا يتمتعون بنفس القدرات العقلية والاتجاهات العاطفية ومستويات التفكير. بمعنى آخر، قد يرغب الأشقاء المتقاربين عمرًا في اللعب بنفس اللعبة أو الحصول على القدر نفسه من الاهتمام، فضلًا عن أنّه من الصعب عليهم في مثل هذه الحالة التعاطف مع بعضهم أو السيطرة على مشاعر الغيرة.

درجة الارتباط

يعيش الإخوة الأشقاء عادةً في منزل واحد مع أبويهم، الأمر الذي قد يزيد من وتيرة الخلافات بين الأشقاء الناتجة عن المنافسة والغيرة، خاصةً بين الإخوة المتقاربين عمرًا. أما الخلافات بين الإخوة غير الأشقاء، فلا تحدث عادةً بشكل يومي بسبب الفرق في الأعمار أو الإقامة في أماكن متباعدة، لكنّها إن حدثت تكون معقدة إلى حد كبير بسبب توتر العلاقة مع الوالد غير المشترك، والشعور بالإهمال، واختلاف العادات والتقاليد الناتج عن قضاء بعض الوقت خارج المنزل.

استراتيجيات علاج الخصام بين الإخوة

تتميّز العلاقة بين الأشقاء في أساسها بأنّها قائمة على الود والانسجام والتفاهم، لكن قد تنشأ أحيانًا خلافات أوشجارات تؤثر عليها سلبًا وتكسر الترابط الأسري إن لم يتم حلّها بحكمة. وفيما يأتي استراتيجيات مقترحة لإدارة الخلافات بين الإخوة:
 
  • تشجيع الإخوة على حل خلافاتهم بأنفسهم: وذلك من خلال تعليمهم مهارات الاستماع، وفهم أساس المشكلة، والمناقشة الإيجابية التي تفضي إلى حل الخلاف بشكل عادل من غير تدخل الأبوين.
  • التركيز على سبب المشكلة بدلًا من التركيز على من بدأها: وذلك حتى لا يشعر أحد الطرفين بانحياز الوالدين نحو الآخر.
  • تقديم حلول مقترحة للخلاف: فقد يعجز الأطفال عن التفكير في الحل المناسب، ومن الأفضل في مثل هذه الحالة الاستماع إلى كلا الطرفين، والتفكير معهما لإيجاد الحل العادل.
  • تتبع سير الخلاف: حيث يجب عليك أن تتأكد من أن الخلاف قد انتهى بشكل عادل من غير أن يهيمن أحد الإخوة على الآخر، الأمر الذي قد يؤثر في نفسيته مستقبلًا.
  • الإبقاء على الهدوء: فبالنسبة للأطفال قد تسيطر عليهم مشاعر الغضب عند حدوث الخلافات، وهذا قد يجعل حل المشكلة أكثر تعقيدًا.
  • التدخل عند حدوث اعتداء لفظي أو جسدي: فعلى الرغم من أهمية حل الإخوة خلافاتهم بأنفسهم، عادةً ما يكون هذا الأمر مشروطًا بألا تزداد حدة الخلاف إلى مستوى الشتم أو الضرب.
  • الاستماع إلى طرفي الخلاف: إنّ مجرد شعور الطفل بأنّه قادر على الحديث من غير مقاطعة سيولّد لديه راحة كبيرة وإحساس بالعدالة لحصوله على أحد حقوقه.
  • الاحترام قاعدة لا جدال فيها: ويكون ذلك من خلال استماع كل منهما للآخر من غير مقاطعة، أو بدون اعتداء أحدهما على الآخر بأي شكل.
  • تشجيع الإخوة على اقتراح الحلول: يمكنك أن تطلب من كل طفل أن يضع نفسه مكان أخيه، واقتراح حلول مرضية للطرفين بناءً على ذلك.

نصائح لتجنب الخلافات بين الأخوة في المنزل

يساعد الانسجام بين الإخوة على تعزيز أسلوب التواصل المفتوح والحفاظ على طول عمر العلاقة بين الأشقاء. تعرّف إلى أهم الأمور الواجب مراعاتها لتجنّب تأزم العلاقات بين الإخوان والاخوات في المنزل:  
 
  • حافظ على بيئة أسرية إيجابية: إذا عاش الإخوة في بيئة تخيّم عليها المودة والسكينة، فلا بد أن ذلك سينعكس على تصرفاتهم وطريقة تفكيرهم، الأمر الذي يقلل بدوره من حدة الخلافات ويسهّل حلّها.
  •  
    • تجنّب المحاباة: حيث وجدت الدراسات أن تفضيل الأبوين لأحد الأبناء يؤثر على صحة الأطفال العقلية والنفسية، وبالتالي على العلاقات بين الإخوة.
    •  
      • تجنب المقارنة بين الأشقاء: وبدلًا من ذلك، ركز على نقاط القوة في كل طفل واعمل على تنميتها. أظهر المودة لأطفالك بالتساوي: وذلك من خلال قضاء الوقت نفسه معهم، وإعطائهم القدر نفسه من الاهتمام.
      •  
        • لا تطلق الصفات على أطفالك: لا تقل هذا الطفل “صعب”، أو هذا “عنيد”، لأن ذلك قد يجعل الطفل يتصرف بطريقة متناسبة مع هذا الوصف.
        •  
          • ابتعد عن الحديث عن العدالة: وبدلًا من ذلك، حاول أن تشرح لأطفالك أن احتياجات الطفل في كل عمر تختلف عن الآخر.

متى عليك اللجوء إلى متخصص في علاج الخلافات بين الأشقاء؟

إذا اتسعت رقعة الخلافات بين الأشقاء وشعرت بالعجز عن حلّها فلا بد لك من طلب المساعدة. إليك بعض العلامات:
 
  • المشاكل لا تتوقف.
  • التسبب في مشكلات نفسية أو خدش في مشاعر الطرف الآخر.
  • تهديد الترابط الأسري، أو احتمالية حدوث القطيعة بين الإخوة.
  • كون أحد الطرفين أو كلاهما عدوانيًا، أو يشكل تهديدًا حقيقيًا من ناحية التعنيف الجسدي.

كيف يسهم الشجار بين الإخوة في تكوين شخصياتهم؟

يقال إنّ الشجار بين الإخوة هو رفيقهما في الرحلة نحو النضج والنمو! لكن ما هي أهم المهارات التي يتعلّمها الأشقاء من الشجار؟
 
  • مهارة التفاوض.
  • الفصل بين الشجار وجوهر المودة الحقيقية.
  • مهارات التواصل الاجتماعي الفعال.
  • الحزم.
  • الحفاظ على الحقوق.
  • الاستقلالية.
  • وضع الحدود للعلاقات مع الآخرين.
  • الشجاعة والتعبير عن النفس.
  • تقبّل مبدأَيّ الربح والخسارة.
  • المنافسة والسعي لتحسين الأداء.
لا يمكنك منع حدوث الخلافات بين الإخوة بشكل كامل، لكن يمكنك التخفيف من حدة الخلافات والتقليل من تأثيرها على العلاقة المتناغمة والمنسجمة بين أفراد الأسرة باعتبارهم وحدة واحدة لها كينونتها الخاصة. كن مراقبًا جيّدًا، وأحط أطفالك بجو إيجابي داعم، وحوّل هذه التحديات إلى فرص تنمي شخصياتهم وتوصلهم إلى مرحلة النضج بأمان!

المراجع: