التنمر الإلكتروني - أنواعه وآثاره وطُرق حماية الطفل من أضراره

11 سبتمبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق

يُعرف التنمر الإلكتروني بأنه تعمّد إلحاق الأذى بشخص عبر الوسائل التكنولوجية المختلفة؛ مثل منصات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والكمبيوتر والألعاب الإلكترونية. وبالرغم من حداثة هذا النوع من التنمّر نسبيًا إلا أنّه آخذ في الانتشار، وقد يتطوّر من رسائل التهديد والإحراج والمضايقات إلى إلحاق أضرار نفسية وعقلية بالطفل خطيرة، لأن أطفال اليوم باتوا يعتبرون الفضاء الإلكتروني جزءاً أساسيا من عالمهم، بل وأحيانا يرون إن وجودهم وصورتهم في هذا العالم أهم من صورتهم في العالم الحقيقي، فترى بعضهم يولي أهمية كبيرة لوضعه وصورته في وسائل التواصل أو في منصات الألعاب الإلكترونية وغرف الدردشة فيها، وهو أمر قد لا يفهمه الأهل، لكنه على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للطفل.

أنواع التنمر الإلكتروني

المشترك في أنواع التنمر الإلكتروني أنّها جميعها تعتمد على الوسائل التكنولوجية الحديثة، وأنّها تظهر للأطفال المُكثرين من استخدام التكنولوجيا أو الذين لا يلقَون الرقابة الكافية من الأهل، ومن الأمثلة عليها ما يأتي:

  • نشر الشائعات وتلفيق الأكاذيب حول الطفل بهدف إحراجه أمام الآخرين عبر الرسائل أو وسائل التواصل الاجتماعي.
  • إرسال صور أو فيديوهات بذيئة للأطفال عبر الرسائل.
  • إرسال رسائل التهديد أو الرسائل المحرجة والمؤذية عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية.
  • انتحال شخصية الطفل والتحدث مع الآخرين والإضرار بهم باسمه.
  • نشر المنشورات العنصرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف أشخاص معينين والتقليل منهم.

أضرار التنمر الإلكتروني على الطفل

تكمن معضلة التنمر الإلكتروني في أنّ ضررها لا يقتصر على مكان وزمان معينين، فالطفل الذي يتعرّض للتنمر الإلكتروني لا يشعر بالراحة حتى بين أفراد أسرته وفيه منزله، وإليك بعضًا من آثاره وفقًا لمنظمة حقوق الطفل:

  • أضرار جسدية:
    يشعر الطفل الذي يتعرّض للتنمر بصداع مستمر وآلام في المعدة. 
  • أضرار نفسية:
    يصيب الطفل شعور بالخزي والاكتئاب وفقدان الثقة والشغف حتى للأشياء التي كان يحبها. 
  • أضرار عقلية:
    يسيطر على الطفل الشعور الدائم بالغضب والتوتر والانزعاج، كما أنّه قد ينظر لنفسه نظرة دونية، وبالنسبة للمراهقين قد يصل بهم الأمر إلى تعاطي المواد المخدرة أو ارتكاب سلوكيات عدوانية، والبعض قد يحاول الانتحار.

علامات تعرض الطفل للتنمر الإلكتروني

قد لا يخبرك طفلك عن تعرضه للتنمر الإلكتروني خوفًا من العقاب أو خجلًا منك، لهذا عليك أن تراقب سلوكياته جيدًا إذا شعرت بأمر غير طبيعي، وإليك أبرز العلامات:

  • الشعور بالانزعاج أثناء استخدام الإنترنت أو الهاتف المحمول أو بعده.
  • المحافظة على السرية عند استخدامه للأجهزة التكنولوجية.
  • قضاء وقت أطول من المعتاد في غرفته.
  • العزلة والابتعاد عن أفراد الأسرة والأصدقاء والأنشطة أو عدم الاهتمام بها.
  • تجنب المشاركة في الأنشطة المدرسية.
  • تراجع مستوى التحصيل الدراسي.
  • الغضب لأبسط الأسباب.
  • تغيرات في المزاج أو السلوك.
  • النوم أو الشهية المفاجئة أو الرغبة في التوقف عن استخدام الكمبيوتر أو الهاتف.
  • الشعور بالتوتر أو الانفعال عند تلقي رسالة نصية أو بريد إلكتروني.
  • تجنب النقاش حول أنشطة الكمبيوتر أو الهاتف.

كيفية التعامل مع التنمر الإلكتروني

إذا علمت أنّ طفلك يتعرّض للتنمّر الإلكتروني، عليك أن تسرع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف التنمّر والحد من أضراره المباشرة وغير المباشرة، وإليك بعض الأساليب التي يمكنك اتّباعها.

امنح طفلك الشعور بالأمان

أخبر طفلك أنك معه وستساعده في إيجاد الحل المناسب، وامتدحه لأنّه أخبرك بالأمر. كما يمكنك أن تخبره عن موقف تعرضت فيه للتنمر خلال طفولتك وكيف تغلبت على الأمر، ليشعر أنك تشاركه نفس المشكلة ويمكنك أن تفهم شعوره. ومن المهمّ أيضًا أن تتجنّب الاستخفاف بشعور الطفل، أو توجيه اللوم أو الاتهام له، أو تشجيعه على الرد بالمثل.

لا تمنع طفلك من الإلكترونيات

تجنب اتخاذ إجراءات قاسية أو ردود فعل عقابية، لأن الطفل سيشعر حينها بأن المشكلة تكمن فيه وليس في من تنمر عليه، فالكثير من الأهل يلجأون فورا إلى حرمان أطفالهم من الأجهزة الإلكترونية، الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف ثقة الطفل بأهله، ويصبح أكثر ميلاً إلى عدم إخبارهم بأي شيء يتعرض له في المستقبل.

عدم الاستخفاف بالإلكترونيات

من الطبيعي جداً أن يشعر الأهل بعدم أهمية شبكات التواصل الاجتماعي أو منصات الألعاب الإلكترونية مثلاً أو أي مجتمعات افتراضية أخرى، وقد ينظرون لها بسخافة تامة، لكن تذكر أن طفلك لا يشاركك هذه النظرة، بل على العكس تماماً، فالكثير من الأطفال يرونها جزءاً أساسياً من حياتهم، بل والجزء الأهم في بعض الأحيان، ويضعون أهمية كبيرة لمجموعاتهم الاجتماعية ولمعارفهم في تلك المنصات. لذا، تجنّب الاستخفاف بأهمية هذا الجزء من كيان الطفل، ولا تهاجم بشكل مباشر هذه المنظومات الاجتماعية المهمة بالنسبة له، بل تحدث معه بعقلانية عنها، وحاول أن تفهم مدى أهميتها بالنسبة إليه وحجم تأثيرها عليه، واشرح له بهدوء بأنها لا تمثّل سوى جزءاً بسيطاً من عالمه.

احظر المتنمرين

تتيح الأجهزة الإلكترونية المختلفة عبر تطبيقاتها إمكانية حظر أشخاص محددين إلكترونيًا، وبهذه الطريقة ستمنعهم من إرسال الرسائل أو الصور أو الفيديوهات المسيئة لطفلك.

وثق التنمر

احتفظ بالصور والفيديوهات والرسائل الإلكترونية التي وصلت لطفلك لإثباتها أمام أهل الطفل المتنمِّر أو أي جهة أخرى، وقم بالتقاط صورة لشاشة المحادثة التي تعرض خلالها طفلك للتهديد أو التنمر بأي شكل من الأشكال.

استشر ذوي الاختصاص

إذا شعرت أنّ الحالة النفسية أو الصحية لطفلك قد تأثرت جرّاء تعرضه للتنمر ابحث عن اختصاصي مناسب، واقترح على طفلك أن يذهب إليه وأخبره أنّ ذلك لمصلحته، لكن لا تجبره على الموافقة، فإن وافق خذه إلى مرشد مختصّ ليتعامل مع المسألة بطريقة واعية وعلمية.

طرق الوقاية من التنمر الإلكتروني

نحن لا نرغب أن يتعرّض أطفالنا للتنمر الإلكتروني بأي شكل من الأشكال، لذلك علينا أن نكون واعين تجاه هذا الأمر، وأن نضع حدودًا له قبل أن يبدأ بكل الوسائل الممكنة، وإليك بعض الاقتراحات.

ضح حدودًا لاستخدام الأجهزة التكنولوجية

لا تدع الهاتف المحمول أو الجهاز اللوحي متاحًا لطفلك في أي وقت وأي مكان، حيث يتوجّب عليك أن تحدد اوقاتًا معيّنة يُسمح فيها باستخدام الأجهزة التكنولوجية، وأن تحصر مكان استخدامها على غرفة المعيشة أو المكان الذي تجلس فيه العائلة عادةً. كما يمكنك أن تحدد أوقات استلام الرسائل، وأن تفعّل الرقابة الأبوية على الهاتف أو الجهاز اللوحي الخاص بطفلك لتتمكّن من معرفة كل ما يشاهده، بالإضافة إلى التحكّم في الألعاب والتطبيقات التي يمكنه استخدامها.

تفعيل الإعدادات المناسبة

هناك العديد من الإعدادات والخيارات والميزات التي تحظر أي استخدام غير مناسب لطفلك سواء في الأجهزة الإلكترونية، أو في التطبيقات والألعاب والمنصات والبرامج على اختلاف أنواعها، والأهم أن هذه الإعدادات تحدد ضوابط الاستخدام بحسب عمر الطفل. معظم الأهالي لديهم الرغبة في الاستفادة الكاملة من هذه الميزات، لكن كثرة الإعدادات والخيارات وتعددها وتشتتها، إضافة إلى عدم إلمام الأهالي الكافي بالتكنولوجيا، يشعرهم بالعجز الذي يدفعهم إلى الاستسلام وعدم تفعيل هذه الضوابط المهمة. يجب على الأهل تجنب الحل الأسهل ومقاومة شعور العجز الإلكتروني هذا، وبذل المزيد من الجهد وصرف المزيد من الوقت لفهم كيفية عمل هذه الضوابط وتفعليها، لأن هذا الاستثمار يحمي الطفل ويصب في مصلحته. وفي أحيان أخرى، يعترض الطفل على وضع هذه الضوابط، ويقول إن أقرانه لا يخضعون لها، مما سيجعله مختلفاً عنهم، أو أقل قدرة على التفاعل أو تحقيق الإنجازات ذاتها في لعبة ما مثلاً. يجب على الأهل عدم الرضوخ لهذا النوع من الضغط، والإصرار على تفعيل ضوابط الاستخدام.

راقب سلوك طفلك على وسائل التواصل الاجتماعي

هناك تطبيقات تساعد الأهل على مراقبة منشورات الأطفال على وسائل التواصل الاجتماعي، وإخبار الأهل عن أي صورة أو منشور بذيء على صفحات أطفالهم، كما أنّها تقدم تقريرًا مفصلًا عن الوقت الذي قضاه الطفل على المواقع المختلفة، ويُفضّل أن تخبر الطفل بذلك، وأن تشرح له أنّ هذا الأمر يصبّ في مصلحته ولا يقلل من ثقتك فيه.

اطلب صداقة أو متابعة طفلك على وسائل التواصل الاجتماعي

راقب سلوكيات أطفالك على وسائل التواصل الاجتماعي من غير إشعارهم بذلك أو إحراجهم أمام الناس، فلا تقُم بوضع تعليق غير مناسب أو محرج للطفل على أي منشور لأي سبب كان، وتأكد أنك تفعل ذلك فقط لتكون على دراية بسلوك طفلك.

تعرف إلى المواقع والتطبيقات التي يزورها طفلك

لا تقم بسؤال طفلك عن ذلك بشكل مباشر، فقط أخبره أنك تريد أن تتعلّم من خبرته التكنولوجية وأن تتعرف إلى المواقع والتطبيقات المفيدة والمسلية، وبهذه الطريقة سيخبرك طفلك عن أنشطته بطريقة لطيفة وغير محرجة.

وأخيرًا، عليك أن تعلم أنّ فَهم الأطفال والتواصل معهم وطمأنتهم هي نصف الطريق للحد من تعرّضهم لمشكلات التنمّر، فثقة الطفل بأهله تجعله يلجأ إليهم فور تعرضه لأي مظهر من مظاهر التنمر الإلكتروني لطلب العون والمساعدة.