اجعل منزلك ساحةً للعب والإبداع وأطلق العنان لأطفالك
20 أكتوبر 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق
لطالما تمّ التعامل مع الإبداع باعتباره موهبة فطرية لا يمتلكها إلا عدد قليل من الناس، وأنّه مُقتصر على أنشطة وهوايات معيّنة كالرسم أو كِتابة الشعر، لكنّ ذلك ليس دقيقًا، فإذا أتحت لطفلك البيئة والفرص المناسبة للإبداع لن تصدّق النتيجة! سترى أنّ طفلك يُبدع ويُخرج لك أفكارًا مُذهلةً ويتميّز على أقرانه في مجالات متعددة لا تقتصر على الرسم والكتابة، بل تتعداها إلى مجالات علمية وعملية كالقدرة على الإدارة وحلّ المُشكلات وفَهم المعادلات الرياضية المعقّدة.
هل كلّ الأطفال مُبدعون؟
نعم، كلّ الأطفال مُبدعون لكن بمستويات مُختلفة، فلا تفرض على طفلك شيئًا فوق طاقته، وانتبه إلى أنّ مجالات الإبداع مُتنوعة، فقد لا يكون طفلك مُبدعًا في الرسم، لكنّه يُلقي الشعر أو يحلّ الألغاز بطريقة مُذهلة. وهُنا يأتي دورك! فأنت المسؤول عن استكشاف المجال الذي يميل إليه طفلك، وعن تنميته وتطويره بكلّ الإمكانيات الممكنة.
أهمية الإبداع لدى الأطفال
العالم يتطوّر بشكل مُتسارع، وإن لم يكن لدى أطفالك حسّ الإبداع لن يتمكّنوا من مواكبة هذا التطوّر، كما أنّ الإبداع يُساعدهم في ما يأتي:
- تعزيز الثقة بالنفس: عندما يرى الطفل أنّه قادر على أن يُعبّر عن أفكاره بطريقة إبداعية، ستتحسّن الصورة التي يرى بها نفسه، وستزداد ثقته بنفسه بناءً على ذلك.
- تحفيز الابتكار: يُساعد الإبداع الأطفال على الخروج بالأفكار المُبتكرة والقيّمة.
- تنمية المهارات المعرفية: يُصبح الطفل أكثر قدرة على حلّ المُشكلات وإدارة المواقف والتواصل وغير ذلك.
- تنمية المهارات الحركية: سواء كان المجال الذي يُبدع به الطفل بدنيًا أو معرفيًا فإنّه سيُسهم في تنمية المهارات الحركية الدقيقة أو الكبيرة.
- تحسين الصحة النفسية: الطفل الذي يمتلك مهارات إبداعية يشعر بالسعادة والرضا عن نفسه، فتقلّ احتمالية إصابته بالقلق والتوتّر والاكتئاب.
- الاستمتاع بالتعلّم: الإبداع شامل لا يقتصر على نشاط معيّن، لهذا فإنّ الطفل المُبدع سيشعر بالرغبة لتعلّم أشياء جديدة واستكشاف مزيدٍ من مهارات التفكير الإبداعي.
هناك اعتقاد مفاده أنّ الأهل إذا أرادوا تربية أطفال مُبدعين عليهم أن يتركوهم ويُطلقوا لهم العنان ليستكشفوا العالم بأنفسهم، وهذا ليس خطأً تمامًا، فالحريّة مهمّة جدًا، لكن دون الدعم والتوجيهات التي تقدّمها لطفلك لن يتمكّن من معرفة الطريق الذي عليه أن يسلُكه ليُصبح مُبدعًا، لهذا عليك أن توازن بين الأمرين. وإليك مجموعة من الأساليب الفعالة في تنمية الإبداع عند الأطفال:
شجّع طفلك على التخيّل
بعد أن تستكشف الاتجاه الذي يميل إليه طفلك اعرض له أمثلة، لكن احرص على أن تُرسّخ فكرة الإبداع والتفكير خارج الصندوق لديه، وأخبره أنّ هذه الأمثلة فقط لتُساعده على التخيّل لا ليُقلّدها. كما يُمكنك أن تتبع هذا الأسلوب لتستكشف اهتمامات طفلك؛ وذلك بأن تعرض له أمثلة تتضمّن مواهب مُختلفة وترى أيّها يثير اهتمامه.
بعدها شجّع طفلك على أن يبتكر بنفسه، وقدّم له الوسائل والأدوات التي يُمكن أن تُساعده؛ مثل الورق والألوان أو مكعّبات الليغو، أو اجعله يُشاركك في طهوِ الطعام أو خياطة الملابس أو غير ذلك، ودعه يفعل ذلك بنفسه دون مُساعدة، ولا تهتمّ بالنتيجة.
وفّر له بيئة إبداعية
باعتبارك قد عرفت المجال الذي يبرع به طفلك وفّر له كلّ الموارد التي يُمكن أن تُساعده ليُبدع فعلًا وفقًا لإمكانياتك، ولا تُركّز على الموادّ الحديثة بل أتِح أمامه الموادّ التقليدية أيضًا، فالجهاز اللوحيّ الخاصّ بالرسم فرصة رائعة ليُمارس طفلك هواياته، لكنّه لا يُغني عن الورق الأبيض وأقلام الفحم والرصاص والألوان بمُختلف أنواعها. وحتى إذا كان طفلك يُحبّ هوايات منزلية كطلاء الجُدران أو الزراعة، وفّر له المساحةَ المُناسبة لذلك، وشجّعه على ممارسة هوايته بكافة صورها.
شجّع اللعب الإبداعي
ليس من الضروريّ أن يجلس طفلك ويُحدّد هوايةً معيّنة يُمارسها ليكون مُبدعًا، ففي كثير من الأحيان يبرز الجانب الإبداعي للطفل خلال اللعب! دع طفلك يختار الألعاب التي يُريدها، سواء كانت ألعابًا حركية كممارسة الرياضات المُختلفة أو ألعابًا معرفية وثقافية كحلّ الألغاز والشطرنج وبناء الأشكال الورقية، أو حتى ألعابًا تعاونية كلعبة الاختباء أو ألعاب تمثيل الأدوار كلعبة “بيت بيوت: أو لعبة “المدرسة”، فعلى الرغم من بساطة هذه الألعاب إلا أنّه تُنبِّئ عن قدرة كبيرة في التصرّف وإدارة المواقف وحل المشكلات واتخاذ القرارات بطريقة إبداعية.
شارك طفلك
حاول الانخراط مع طفلك في الهواية التي يُمارسها أو اللعبة التي يلعبها، حتى لو كان ذلك من خلال إبداء الرأي فقط إذا لم تكن تمتلك الموهبة التي يمتلكها طفلك، كأن تستمع لشعره وتُبدي رأيك فيه وتُنبهه إلى الأخطاء قدر معرفتك، أو أن تُساعده في بناء القلعة بالمُكعّبات، وبهذه الطريقة ستتمكّن من تقديم الدعم المادي والمعنوي لطفلك، فتزداد ثقته بنفسه.
تحاور مع طفلك
حتى تُعزز قدرة طفلك الإبداعية وتفتح مداركه يُمكنك أن تطرح عليه الأسئلة، فلو بدأ الطفل بكتابة القصة مثلًا ووجد صعوبة في إكمالها وجِّه له أسئلةً مُتعلّقة بها، كأن تقول له: “هذا مُحزن، هل بحث الطفل عن الحقيبة التي أضاعها؟”.
ساعد طفلك على التفكير خارج الصندوق
عليك أن تُساعد طفلك على التفكير الإبداعي وتُشاركه رأيك بصراحة، ولكن من غير أن تُحرجه أو تجرح مشاعره، فيُمكنك أن تقول له: “كانت حُبكة القصة جميلة جدًا، لكنني توقّعت أن يحدث ذلك. أعتقد أن القصة ستكون مُذهلة لو جعلت الحبكة صادمة ومُثيرة”.
كيف تعزز التربية الإبداعية في البيئة المنزلية
إليك بعض النصائح لتعزيز قدرات طفلك الإبداعية في المنزل:
- أتِح الفرصة لطفلك ليُعبّر عن نفسه بأيّ طريقة يريد.
- اقرأ القصص المُلهمة لطفلك، التي تتحدّث عن تجارب وشخصيات مُبدعة ومُفكّرة.
- شجع طفلك على اللعب المفتوح دون قيود أو شروط.
- لاحظ التصرّفات الدقيقة لطفلك، فأحيانًا يظهر الإبداع في أصغر الأمور.
- لا تُكثر من الثناء ولا تمنح طفلك المكافآت لقاء الإبداع، حتى لا يرتبط الإبداع لديه بالمُكافأة فينطفئ شغفه.
- حوّل الإخفاقات إلى فرص جديدة للإبداع.
- أظهر الاهتمام بالأنشطة البسيطة التي يفعلها طفلك في المنزل، واسأله عن السبب والطريقة التي اتبعها.
- قلّل من الوقت الذي يقضيه الطفل على الشاشات.
- ادعم المنزل بالكثير من الألعاب والمجسمات ذات الألوان والأشكال المُلفتة.
- دع طفلك يُشارك في تزيين غرفته وترتيبها بنفسه.
- أشرك طفلك في الأعمال المنزلية مثل؛ الطهي وترتيب الألعاب.
- أكثِر من الأدوات القابلة للطرق أو الطيّ في المنزل، سواء كانت ألعابًا أو حتى أدوات منزلية.
- اسمح لطفلك بالمُشاركة بإصلاح الأشياء التي أتلفها بنفسه إن لم يكن في ذلك خطر عليه.
عالم الأطفال مليء بالتجارب والأفكار الإبداعية، وما عليك سوى أن تُطلق العنان لأطفالك، وتسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم واللعب والخروج عن المألوف دون قيود، مع الحرص على تقديم الدعم والتوجيه اللازمين.