القراءة.. نشاط يغيّر الأطفال ويحدد مستقبلهم إلى الأبد

1 مايو 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق

بصفتنا أولياء أمور، نريد جميعًا أن يكبر أطفالنا ليكونوا سعداء وناجحين. وأحد أهم مكونات النجاح هو القدرة على تكوين علاقات إيجابية مع الآخرين والحفاظ عليها. وتُعد مهارات التفاعل الاجتماعي، مثل التواصل والتعاطف وتبنّي وجهات النظر، ضرورية لبناء هذه العلاقات. ولحسن الحظ، يمكن أن تكون القراءة أداة قوية لتنمية هذه المهارات لدى الأطفال. فعندما يقرأ الأطفال، يتعرّضون لمجموعة متنوعة من الشخصيات والمواقف التي توفّر دروسًا قيمة حول السلوك الاجتماعي. لذا، في هذه المقالة، سوف نستكشف أهمية القراءة للأطفال في تطوير مهارات التفاعل الاجتماعي لديهم، وسننظر في الطرق التي تعزز بها القراءة التجارب المشتركة مع الآخرين، وتدعم السلوك الإيجابي، وتعزز التعاطف، وتحسّن مهارات الاتصال. 

 

في نهاية هذه المقالة، سيكون لديك تصوّر أفضل لكيفية الاستفادة من القراءة في التنمية الاجتماعية لطفلك، وبعض الاستراتيجيات العملية لاستخدام القصص في دعم هذا التطور.

 

هل أقرأ لطفلي أم أتركه يقرأ وحده؟ 

 

أهمية القراءة للأطفال كتجربة مشتركة

وجدت دراسات عدة، منها على سبيل المثال دراسة نُشرت في مجلة تنمية الطفل في عام 2010، أن تفاعلات القراءة بين الوالدين والطفل كانت مرتبطة بشكل إيجابي بالنمو الاجتماعي والعاطفي للأطفال، إذ أن القراءة بصوت مسموع عالٍ هي وسيلة قوية لخلق تجارب مشتركة بين الأطفال وأقرانهم أو بين الأطفال وأولياء أمورهم. فعندما يستمع الأشخاص إلى قصة معًا، فإنهم يمرّون بتجربة السرد ذاتها، وتفاعلات الشخصيات ذاتها، واللحظات العاطفية ذاتها، مما يوفّر تجربةً مشتركة لبناء علاقات.

 

الخبرات المشتركة مهمة كثيراً في علم النفس التنموي لبناء الصداقات والعلاقات الراسخة مع الآخرين. فالأطفال الذين تبادلوا الخبرات مع الآخرين هم أكثر عرضة لتطوير روابط قوية وعلاقات إيجابية. ولذلك فإن القراءة تجربة مشتركة ذات قيمة خاصة؛ لأنها توفّر مساحة آمنة للأطفال لاستكشاف العواطف والعلاقات دون ضغوط مواقف الحياة الواقعية.

 

بالإضافة إلى تعزيز الصداقات والعلاقات، فإن أهمية القراءة للأطفال كتجربة مشتركة تتمثّل أيضاً بالتنمية الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تساعد القراءة الأطفال على تطوير مهارات الاستماع والفهم، والتي تعتبر ضرورية للتواصل الفعال، مما يوفّر فرصًا للأطفال لممارسة تبادل الأدوار، وهي مهارة اجتماعية مهمة أخرى.

 

وأخيرًا، يمكن أن تساعد القراءة المشتركة الأطفال على بناء شعور بالانتماء للمجتمع والهوية المشتركة، والتي يمكن أن تكون مصدرًا قويًا للدعم الاجتماعي.



لماذا تعلّق طفلي بشخصية العصفور فريد؟

 

أهمية شخصيات القصص كنماذج للسلوك الاجتماعي

تكون الشخصيات الخيالية عادة قدوة قوية للسلوك الاجتماعي، خاصة للأطفال الصغار الذين ما زالوا يتعلمون كيفية التعامل في التفاعلات الاجتماعية. وتواجه الشخصيات في قصص الأطفال في تطبيق توتة تحديات مشابهة لتلك التي يواجهها الأطفال الواقعيون، مثل تكوين صداقات، وحل النزاعات، والتعامل مع المشاعر الصعبة، أو مواجهة صعوبات مثلما حدث مع العصفور فريد في قصة “أما زلت تغني؟”، ومن خلال مراقبة كيفية تعامل شخصيات توتة مع هذه التحديات، يمكن للأطفال تعلّم دروس مهمة حول السلوك الاجتماعي.   وجدت دراسات عدة، منها على سبيل المثال دراسة نُشرت في مجلة علم النفس التربوي في عام 2000، أن الأطفال الذين تعرضوا لقصص ذات موضوعات اجتماعية إيجابية (أي الموضوعات التي تعزز اللطف والكرم والتعاطف) كانوا أكثر عرضة للانخراط في السلوك الاجتماعي الإيجابي بأنفسهم.   وبناءً عليه، فإن سمات شخصيات القصص تُعد ذات قيمة خاصة لتعزيز مهارات التفاعل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال، يمكن للشخصيات اللطيفة والمتعاطفة والتي تحترم الآخرين أن تشكل سلوكًا اجتماعيًا إيجابيًا للأطفال، كما ويمكن للشخصيات التي ترغب في تقديم تنازلات، والعمل معًا لحل المشكلات أن تقدّم دروساً قيمة حول حل النزاعات.   ويمكن للأطفال التعلّم من سلوك شخصيات القصص بعدة طرق منها:
 
    • أن يتماثل الأطفال مع الشخصيات التي تواجه تحديات مماثلة، أو لديها سمات شخصية مماثلة لهم.
 
    •  أن يستوحي الأطفال من الشخصيات التي تُظهر سلوكًا اجتماعيًا إيجابيًا، ويسعون لمحاكاة هذه السلوكيات في حياتهم الخاصة.
 
  • أن يستخدم الأطفال الشخصيات كطريقة لاستكشاف وفهم المواقف الاجتماعية التي ربما لم يكونوا قد مروا بها بشكل مباشر.

وجميع قصص الأطفال في تطبيق توتة تعرض نماذجاً إيجابية للسلوك الاجتماعي، فمنها مثلاً قصة “شبح الحديقة” التي تمثّل الشجاعة، وقصة “حقيقة أم خيال” التي تمثّل الصدق، وقصة “ليلة هروب الليغو” التي تمثّل التنظيم. فمن خلال قراءة قصص ذات نماذج إيجابية كهذه، يستطيع الأطفال تطوير فهم أعمق للسلوك الاجتماعي واكتساب رؤى قيّمة حول كيفية التعامل في المواقف الاجتماعية.

كيف أجعل طفلي يتعاطف مع الآخرين؟

 

أهمية القراءة للأطفال في تعزيز التعاطف وتبنّي وجهات النظر

التعاطف وتبني وجهات نظر الآخرين هما عنصران أساسيان لمهارات التفاعل الاجتماعي وبناء علاقات اجتماعية قوية. فالتعاطف هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين ومشاركتها، بينما تبنّي وجهات النظر هي القدرة على فهم أفكار الآخرين ومشاعرهم من وجهة نظرهم الخاصة، وهاتان المهارتان مهمّتان لبناء علاقات إيجابية، وحل النزاعات.

 

قراءة القصص وسيلة قوية لتعزيز التعاطف وتبنّي وجهات النظر لدى الأطفال. فعندما يقرأ الأطفال عن شخصيات من خلفيات مختلفة، ولديها تجارب مختلفة عن تجاربهم، فإنهم يتعرّضون لوجهات نظرٍ وعواطفٍ جديدة. ويمكن أن يساعد هذا التعرّض الأطفال على تطوير فهمٍ أعمق للآخرين، وبناء التعاطف مع تجاربهم.

 

وجدت دراسات عدة، منها على سبيل المثال دراسة نُشرت في مجلة تنمية الطفل في عام 2014، أن الأطفال الذين قرؤوا قصصًا تتضمن شخصيات من ثقافات وتجارب مختلفة كانوا أكثر قدرة على فهم وتقدير وجهات النظر المختلفة. كما وجدت دراسة أخرى، نُشرت في مجلة علم النفس التنموي في عام 2009، أن القراءة للأطفال عن شخصيات واجهت تحديات اجتماعية أو عاطفية زادت من تعاطفهم مع الآخرين.

 

ومن أمثلة قصص الأطفال التي تروّج للتعاطف وتبنّي وجهات النظر هي قصة “مارد بميزانية”، وقصة “عيد الوطواط”، وهما قصّتان تم اعتمادهما من قبل أخصائيين نفسيين ومستشارين تربويين، كما هي كل القصص في تطبيق توتة.



كيف أجعل طفلي يعبّر عن غضبه بلا نوبات عنف؟

 

أهمية القراءة للأطفال في بناء مهارات الاتصال والتعبير

التواصل الفعّال هو عنصر أساسي في مهارات التفاعل الاجتماعي والتعبير. وقد وجدت دراسات عدة منها على سبيل المثال دراسة نُشرت في مجلة طب الأطفال في عام ‍2006، أن القراءة للأطفال الصغار مرتبطة بشكل مباشر ببناء مهارات الاتصال، وبحصول الأطفال على نتائج لغوية أفضل، مثل تحسين المفردات ومهارات القراءة والكتابة، وهو ما يساعدهم على التعبير بشكل أفضل. ويمكن أن تساعد القراءة الأطفال على تطوير مهارات الأطفال اللغوية والتواصلية بطرق عدة منها:

    • من خلال قراءة القصص ذات الشخصيات المعقدة والمواقف العاطفية، يمكن للأطفال التعرّف على مشاعرهم ووصفها وفهم مشاعر الآخرين. ويمكن أن يساعدهم هذا الذكاء العاطفي على توصيل احتياجاتهم الخاصة، وفهم احتياجات الآخرين بشكل أفضل.
 
  • يمكن للقراءة أن تعرّض الأطفال لمجموعة واسعة من المفردات والتراكيب اللغوية، ويساعد هذا الأطفال على تطوير مهاراتهم اللغوية، وتحسين قدرتهم على التعبير عن أنفسهم بشكل فعّال دون اللجوء إلى الغضب أو العنف، أما غياب القدرة عن التعبير بشكل صحيح، فتؤدي بالطفل تلقائياً إلى الغضب ومحاولة تعويض إخفاقه بالتعبير السليم بطرق أكثر عنفاً لإيصال وجهة نظره.

  وهناك العديد من القصص التي تركّز بشكل خاص على مهارات الاتصال الصحيح، مثل “تنين في رأسي” التي تعلم الأطفال التنفيس عن الغضب، وقصة “صديقي الوحش” التي تعلم الأطفال ضبط مشاعرهم.

  ويمكن للوالدين والمعلمين أيضًا استخدام القصص لتطوير مهارات التواصل لدى الأطفال من خلال طرح أسئلة مفتوحة حول القصة، وتشجيع الأطفال على اقتراح سيناريوهات مختلفة وعكسها على علاقاتهم وعلى تجاربهم الخاصة، وتطوير مهارات الاتصال الفعّال في تفاعلاتهم مع الأطفال الآخرين.

أهم النصائح لمساعدة طفلك في بناء حياة اجتماعية من خلال قراءة القصص

كما شرحنا سابقاً، فإن القراءة تعتبر أداة قيّمة لتعزيز تنمية مهارات التفاعل الاجتماعي لدى الأطفال. ومن خلال توفير الخبرات المشتركة والنماذج الإيجابية، وإتاحة الفرص للتعاطف والأخذ بوجهات نظر الآخرين، وتعزيز مهارات التواصل والتعبير، يمكن للقصص أن تساعد الأطفال على بناء المهارات التي يحتاجون إليها لتكوين علاقات إيجابية والتعامل في المواقف الاجتماعية المختلفة بنجاح، ليصبحوا متعاطفين وفعالين وأعضاء إيجابيين في المجتمع.   من خلال النصائح التالية، يمكن لأولياء الأمور مساعدة أطفالهم في تعلّم فهم مشاعر الآخرين ومشاركتها، وتطوير مهارات اللغة والتواصل، وممارسة السلوكيات الاجتماعية الإيجابية:  

  1. يمكن للوالدين ومقدمي الرعاية دعم التنمية الاجتماعية لأطفالهم من خلال جعل القراءة جزءًا منتظمًا من حياة أطفالهم واستخدام القصص لإثارة المحادثات وتعزيز بناء المهارات الاجتماعية.

  2. كأولياء أمور ومعلمين، من المهم إعطاء الأولوية للقراءة وجعلها أولوية في حياة أطفالنا، وخاصة القراءة الانتقائية. إذ يجب توفير مجموعة متنوعة من القصص للأطفال، على أن تكون منتقاة بعناية، وعلى الأهل أخذ الوقت لقراءتها ومراجعتها قبل مشاركتها مع الأطفال.

  3. يُنصح بشدة مناقشة القصة مع الأطفال بعد قراءتها، فمن خلال النقاش يمكننا مساعدة أطفالنا على بناء مهارات التفاعل الاجتماعي التي يحتاجونها للنجاح في العلاقات وفي الحياة. 

  والجدير بالذكر، أن القصص التي ذكرناها في المقالة، وغيرها الكثير، موجودة في تطبيق توتة، تطبيق بناء شخصية الأطفال وتعزيز سلوكياتهم مجميع ن خلال القصص ومحتوى متنوع وأدوات تربوية علمية.  

المراجع

 

ريس ، إي ، سباركس ، أ ، وليفا ، د. (2010). مراجعة لتدخلات الوالدين للغة أطفال ما قبل المدرسة ومحو الأمية الناشئة. مجلة محو أمية الطفولة المبكرة ، 10 (1) ، 97-117.

 

ريس ، إي ، وويسينجر ، ج. (2014). قراءة القصص القصيرة والاستجابات التعاطفية للأطفال الصغار. تنمية الطفل ، 85 (3) ، 1030-1046.

 

سكونرت-ريشل، ك.، وموليغان، ج. (2000). تعليم الشخصية والسلوك الاجتماعي الإيجابي في الفصل. مجلة علم النفس التربوي ، 92 (2) ، 323-330.

 

ماكلين ، كيه سي ، وكونري ، إف آر (2009). إعادة تمثيل الأعمال الدرامية للآخرين: أدوار التعاطف ، والضيق الشخصي ، والجنس في التنبؤ بدوافع الشباب للمشاركة في المساعدة التطوعية. علم النفس التنموي، 45 (3) ، 713-727.

 

مندلسون، أ. ، وآخرون. “تجربة عشوائية ذات شواهد لتدخلات قراءة الكتب بين الأم والطفل على تنمية لغة الأطفال”. طب الأطفال 117.5 (2006): 1744-1753.