أساليب صحية لتطويع الطفل العنيد والعصبي دون إضعاف شخصيته

22 مايو 2024 | وقت القراءة : خمسة دقائق

قد تشعر أنّ طفلك يصرّ على أفعاله وأفكاره بشدة، ويرفض أيّ تعليق أو تعديل على سلوكياته، فهو يعتقد أنّه دائمًا على حقّ، ولا يحبّ أن يُجادل أحدًا في تصرّفاته، أو أن يُملي عليه أي شخص تعليمات سواء في المنزل أو المدرسة. قد لا تكون هذه التصرّفات عنادًا بمعنى الكلمة، فلا تتسرّع في الحكم على طفلك، واقرأ هذا المقال لتشخّص حالة طفلك وتتعرّف إلى أساليب التعامل مع الطفل العنيد والعصبي.

صفات الطفل العنيد

عليك أن تعلم أولًا أنّ رغبة الطفل في أن يكون حرًا في تصرّفاته وقراراته لا يعدّ عنادًا بالضرورة، بل قد يكون دليلًا على شخصية الطفل المستقلة وذكائه الحادّ ونظرته الثاقبة، ولتتحقق من ذلك اطّلع على صفات الطفل العنيد الآتية:
  • يتمسّك بآرائه ولا يقبل النّقاش أبدًا، لذا حاول أن تناقشه وراقب ردة فعله.
  • لا يستمع لما يقوله الآخرون، ولا يُبدي اهتمامًا به، ويتحدث أكثر مما يستمع.
  • يثرثر كثيرًا ويُحب أن يجادل لا أن يناقش.
  • يتعمد التمرّد بسبب ومن دون سبب، لذا راقب وحلل أسباب ودوافع تمرده قبل الحكم عليه.
  • يسعى للفت الانتباه بشكل مُبالغ فيه.
  • يبحث عن التقدير في كل أمر يقوم به وإن كان صغيرًا.
  • يميل إلى فعل ما يحلو له من غير استشارة أحد.
  • قليل الصبر ولا ينتظر أحدًا، فهو يفعل الأشياء وفقًا لنفسه فقط.
  • يمكن أن يكون متسلطًا في بعض الأحيان.
إذا كان طفلك يمتلك هذه الصفات أو كثير منها، ويقوم بهذه الأفعال أو بعضها، فعندها يمكنك اعتبار أن ما يقوم به طفلك سببه العناد، وليس قوة الشخصية أو الاستقلالية، وعندها يحتاج الأمر إلى المعالجة، أما إذا كان يتمسّك بآرائه لسبب وجيه ويفعل ذلك بهدوء ويقبل النقاش ويستمع لك ويملك الصبر ولا يسعى للفت الانتباه بشكل سلبي، فهذا يعني أنه قوي ومستقل وذكي، وعليك أن تعزز هذه الصفات فيه، حتى لو كانت تبعاتها مزعجة لك في بعض الأحيان.

أسباب العناد عند الأطفال

إذا قرأت على الإنترنت سترى أنّ بعض الدراسات التي أجريت على الأطفال العنيدين وضعت احتمالية أنّ يكون سبب العناد وراثيًا أحيانًا، إلا أنّ هذا الأمر غير علمي وغير مثبت، لكن من الثابت أن البيئة المحيطة بالطفل تؤثر بشكل كبير على شخصيته وطباعه، ومن أسباب العناد:
  • عدم النضج: قد لا يدرك طفلك سبب منعه من بعض الأشياء، فهو يقوم بالأفعال أحيانًا لأنّه رأى شخصًا آخر يفعلها فاعتبرها سلوكيات طبيعية.
  • الصراخ على الطفل: إذا كان الأهل يصرخون باستمرار على الطفل، سوف يصبح الطفل عنيدًا ويسعى للحصول على ما يريد بطريقته الخاصة.
  • المقارنة المستمرة: إنّ مقارنة طفلك بأصدقائه أو إخوته أو أقرانه قد يكون أمرًا مؤلمًا بالنسبة إليه، خاصّة إذا تكرر الأمر، وقد يدفعه للعناد لأن المقارنة تجعله يسعى لإثبات وجوده.
  • غياب القدوة: إذا كان الأهل يُظهرون عنادًا في تصرّفاتهم، فهم بذلك يبنون شخصية الطفل العنيد، وهذا الأمر ينطبق أيضًا على الأصدقاء الذين يتعامل معهم الطفل، فالطفل يقلّد ما يرى.
  • الحاجة إلى الحرية: كلّما كبر الطفل ازدادت حاجته إلى الاستقلالية، لهذا يتوجّب على الأهل السماح لأطفالهم باستكشاف الأشياء بأنفسهم، مع المتابعة المستمرة، في المقابل فإن التضييق غير المناسب للعمر يجعلهم يميلون إلى العناد.

أساليب التعامل مع الطفل العنيد

كلّ طفل له شخصيته المستقلة وأفكاره واهتماماته وأولوياته، وكلّ طفل أيضًا يتعرّض لتحديات يمكن مساعدته على التغلب عليها باتباع الأساليب التربوية العلمية والحكيمة والإيجابية، ولعلّ أبرز تحديات الأطفال هو العناد. والآن تعرّف إلى أهم طرق معاملة الطفل العنيد:

لا تُجادل طفلك

تُظهر الدراسات أنّ حواليّ 37% من الأطفال العنيدون على استعداد لخوض أيّ جدال دائمًا، فلا تحفز طفلك للجدل، بل اصغِ إليه باهتمام وتحدث إليه بهدوء، وذكره باستمرار خلال الحديث أن يتحدث بهدوء هو الآخر، ولا مانع من أن توافقه على بعض الأشياء التي يقولها، لتحوّل بهذه الأفعال الجدال إلى محادثة سلسة ونقاش بناء، ومع الوقت سيصبح الطفل أكثر تقبلاً للاستماع لما تقوله، والمفتاح الأول لكسر العناد هو النقاش المنهجي والهادف.

 

التواصل المستمر مع الطفل

لا تُجبر طفلك على فعل شيء لا يريد القيام به، لأنّ ذلك سيؤدي إلى زيادة تمرده وإصراره على فعل ما تمنعه عنه. فإذا كنت تريد مثلاً أن يتوقف طفلك عن مشاهدة التلفاز وأداء الواجبات المدرسية، قم بمشاركته في المشاهدة لفترة؛ لتتمكّن من بناء المحبة والألفة معه، ثمّ اسأله إذا كان يرغب في عمل واجباته المدرسية.

تجنب إملاء الأوامر

بدلًا من أن تملي الأوامر على طفلك قدّم له خيارات، فهذا سيشعره بالسيطرة على اختياراته وإمكانية اتخاذ قرارات مستقلة، لكن عليك أن تتأكد من كون الخيارات محدودة وبسيطة حتى لا تُربكه، ويجب أن توجهه بالخيارات لفعل المطلوب، فمثلاً يمكن أن تقول له: هل تريد أن تنظف أسنانك أولاً أم ترتب ألعابك قبل النوم؟، وهكذا فإنك تخيّره بين فعلين إيجابيين، وتوجهه إلى النوم بالخيارين، وفي الوقت ذاته يحتفظ الطفل بشعوره بالسيطرة.  

استوعب طفلك

حاول أن تفهم سبب سلوكيات طفلك، فإذا وعدته بالخروج إلى مكان يحبه لكنّك تراجعت بسبب ظرف ما، عليك أن تشرح له ذلك، فطفلك لن يدرك السبب بنفسه، ولن يرى سوى أنك أخلفت وعدك معه، لكن إذا شرحت له سبب عدم الخروج وحددت موعدًا لاحقًا يمكنك أن تنقذ الموقف.  

حافظ على جو إيجابي في المنزل

تأكد من توفير أسباب السعادة والراحة والأمان داخل المنزل في جميع الأوقات. كن هادئا ومهذبًا مع الجميع في المنزل ولا تُجادل أو تُهين أي شخص أو تعاند؛ لأن الأطفال يتعلمون بالملاحظة والمراقبة ومن ثم يقلّدون ما يرونه.

شجع السلوك الإيجابي

تعامل مع الظروف بإيجابية، فطفلك يُقلّد أفعالك بحذافيرها، فإذا كنت تستخدم كلمات مثل “لا” أو “لا يمكن” أو “لن نفعل” كثيرًا سيؤثر هذا الشيء في طفلك. حتى عناد طفلك انظر إليه نظرةً إيجابية وحاول تحويل الموقف إلى لعبة، كأن تطرح على طفلك أسئلة تستدعي الإجابة بنعم أو لا، وصغ أسئلتك بطريقة تجعله يجيب بـ”نعم” في معظم الوقت.

حدد روتينًا يوميًا

الالتزام بروتين يومي يُساهم بشكل كبير في انضباط الطفل وفي تحسين سلوكه العام وأدائه لمهامه المنزلية والدراسية، كما أنّ تحديد وقت مخصص للنوم يوفر قسطًا كافيًا من الراحة، والراحة أمر مهم جدًا لمزاج الطفل الذي قد ينعكس على عناده، لأنّ قلة النوم والتعب تؤدي إلى مشاكل سلوكية عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث سنوات واثنتي عشرة سنة.  

ضع قواعد وأنظمة

ضع حدودًا للنظام داخل المنزل، ووضح توقعاتك في اجتماع عائلي، واحرص على أن تطلب من طفلك إبداء رأيه في العواقب التي ستترتب على مخالفة القواعد. لكن لا تكن متشددًا، وأظهر لطفلك مرونة في تغيير القواعد خلال الإجازات أو المناسبات، واشرح له أنّ الهدف من القواعد هو التنظيم وليس التقييد. القواعد والأنظمة تجعل الأطفال أكثر انضباطاً، والانضباط بشكل عام يقلل من مستويات العناد لدى الأطفال.  

كيفية التعامل مع الطفل العنيد في الدراسة

يرفض الأطفال العنيدون أداء الواجبات المدرسية في أحيان كثيرة، وهذا قد يؤثر على تحصيلهم الدراسي، لذلك ينبغي لك أن تتفهم أطفالك، وأن تبحث عن أفضل الطرق التي تشجّعهم على الدراسة، كأن تستخدم أسلوب اللعب أثناء الدراسة، أو أن تجلس معهم في المكان الذي يفضلون الدراسة فيه، وتُشاركهم في حلّ الواجبات، مع الحرص على التقليل من استخدام هاتفك المحمول للحفاظ على تركيزهم. .
تذكّر أن الدراسة تتجاوز مجرّد أداء الواجبات المدرسية، لهذا عليك أن تشجّع أطفالك على المراجعة النشطة للدروس، والقراءة بصوت عالٍ، وفهم الكلمات الصعبة، والسؤال عن الموضوعات غير المفهومة، وكتابة الإجابات، وعليك أيضًا أن تخصص مكانًا هادئًا، وتنسق مع أفراد العائلة لتجنب أي مقاطعات خلال وقت الدراسة. ومن الجدير بالذكر أنّ ربط الدروس بالحياة اليومية يُساعد على ترسيخ المعلومات في ذهن الطفل ويجعلها أكثر فائدة، كما أنّ تقدير الطفل بشكل مستمر والتركيز على المجهود الذي يبذله بدلًا من التركيز على النتيجة سيجعل طفلك يُقبل على الدراسة بشكل أكبر. .
وأهمّ نصيحة نختتم بها هذا المقال هي ألّا تقابل العناد بالعناد، وتعلّم أساليب التعامل مع الطفل العنيد وفقًا لأساسيات التربية العلمية القائمة على أن تستوعب طفلك وتُراعي شخصيته المستقلة واهتماماته وأولوياته. .